شرعا فهو ، وإلّا فلا عبرة بمجرد وجود البدل لأحد المتزاحمين دون الآخر ، فإنّ حكم العقل بالتعيين في دوران الأمر بين صرف الماء في الوضوء وصرفه في حفظ النّفس المحترمة انما هو من جهة انّ ذلك لا يوجب تفويت ملاك ملزم أصلا بخلاف العكس ، وهذا المعنى لا يتم بمجرد كون أحد المتزاحمين مما له البدل دون الآخر ، وانما يتم فيما إذا كانت القدرة معتبرة في أحدهما بحكم الشارع وفي الآخر بحكم العقل.
توضيح ذلك : انه لو كان لأحد الواجبين المتزاحمين افراد عرضية من حيث القدرة وان كانت طولية من حيث الزمان ، كما في موارد التخيير العقلي أو الشرعي ـ وان كان أحدهما يرجع إلى الآخر على ما بين في محله ـ ففي الحقيقة لا مزاحمة هناك بين واجبين كما هو واضح.
واما ان كان له افراد طولية من حيث القدرة ، كعتق رقبة وإطعام ستين مسكينا وصوم ستين يوما بناء على طولية هذه الأمور ـ فالمستفاد من دليلها حينئذ اختصاص المرتبة السابقة كعتق الرقبة بالقادر ، فتكون القدرة مأخوذة في وجوبها شرعا ، كما قد تؤخذ القدرة شرعا فيما ليس له البدل أصلا كالحج ، فإنّ وجوبه مشروط بالاستطاعة مع أنه لا بدل له. وظاهر أخذ القدرة في لسان الدليل بحسب فهم العرف كونها دخيلة في الملاك أيضا ، فبدونها لا ملاك أصلا.
وعليه فإذا وقعت المزاحمة بين ما له بدل طولي وما لم يعتبر فيه القدرة شرعا ، فيتقدم عقلا على ما له البدل ، لما عرفت من انّ عكسه مستلزم لتفويت الملاك الملزم بخلاف تقديم ما لا بدل له ، لأنّه بإطلاق دليله يكون معجزا عما له البدل فينتقل إلى المرتبة المتأخرة من دون ان يلزم تفويت ملاك أصلا.
واما إذا كان التزاحم بين ما له البدل وبين ما اعتبرت فيه القدرة شرعا ، كما لو دار الأمر بين ان يصرف المكلف ماله في عتق الرقبة أو يصرفه في الحج ، فلا وجه