ثانيهما : ان لا يكون محكوما بحكم فعلا ولكن يجري عليه العقاب للنهي السابق الساقط ، فانّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا ، وهو مختار الكفاية (١).
وذهب الميرزا قدسسره إلى الأول منهما ، وحيث انه مركب من عقد إيجابي وهو كونه واجبا ، وسلبي وهو عدم إجراء حكم المعصية عليه ، استدل على كل من الأمرين.
امّا ما استدل به على الإيجاب وهو كون الخروج مأمورا به فحاصله : انّ مطلق التصرف في ملك الغير لا يكون غصبا وحراما ، وانما المحرم ما لا يكون مصداقا للمأمور به ، ولذا رد مال الغير لا يكون حراما مع كونه تصرفا فيه لأنه واجب ، فلو فرضنا انّ ثوب الجار وقع في منزل شخص يجب عليه رده ، ولا يكون حراما ، بل هو إحسان إليه ، خصوصا إذا كان في معرض التلف. والمقام كذلك ، فانّ ملك الغير وان لم يمكن الرد فيه لأنه ليس من قبيل المنقولات إلّا انّ التخلية بينه وبين مالكه واجب ، فلا يكون حراما ، بل يكون واجبا.
وفيه : انه ما المراد بكون التخلية مأمورا بها ، هل هي واجبة بوجوب نفسي أو انها واجبة بوجوب مقدمي؟ وكلاهما باطل.
امّا الوجوب النفسيّ ، فلأنّ التخلية وان كانت واجبة إلّا انها في مقابل الاشغال ، فهي امر عدمي أو منتزع منه أي من عدم الاشغال ، ومن الواضح انّ المشي في ملك الغير وهو الخروج ليس مصداقا للتخلية ، بل هو إشغال لمال الغير للخروج انما هو مقدمة للكون في المكان المباح ، وهو يستلزم ذلك الأمر العدمي أعني به عدم الكون في ملك الغير المعبر عنه بالتخلية من دون ان يكون بين الكون
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٢٦٣.