قام خبر العدل مثلا بوجوب صلاة الجمعة في يوم الجمعة ولكن وجبت صلاة الظهر واقعا فيه. فهذا الخبر يوجب تفويت مصلحة صلاة الظهر ، وإذا قام على وجوبها ـ أي على وجوب صلاة الجمعة ـ فيه عصر الغيبة ولكن كانت في الواقع حراما كما هو مفاد بعض أخبار الباب ، فلا ريب ان في هذا الخبر يوجب الالقاء في المفسدة ؛ وكذا إذا قام على حلية العصير العنبي مثلا وكان في الواقع حراما فرضا فهذا يستلزم تحليل الحرام.
وإذا قام على حرمة العصير الزبيبي مثلا وكان في الواقع حلالا فهذا مستلزم لتحريم الحلال.
وعليه فقد انقدح ان المراد من امكان التعبّد هو الامكان الوقوعي في قبال الاستحالة الوقوعية ، بمعنى هل يلزم من وقوع التعبّد بالظن محال مطلقا كاجتماع الضدّين ، أو المثلين ، أو بالنسبة الى الحكيم كتحليل الحرام وتحريم الحرام.
قوله : وليس الإمكان بهذا المعنى بل مطلقا أصلا متبعا عند العقلاء ...
اختار الشيخ الأنصاري قدسسره إمكان التعبّد بالظن بدعوى ان بناء العقلاء بما هم عقلاء على الحكم بالامكان ما لم تثبت الاستحالة واستشكل عليه المصنّف قدسسره بوجوه ثلاثة :
أحدها : أنّه لم يثبت بناء العقلاء على ترتيب آثار الامكان عند الشك فيه.
ثانيها : أنّه على تقدير تسليم ذلك البناء نمنع حجية بنائهم شرعا لعدم قيام دليل قطعي عليها والظن بها لو كان موجودا على الفرض فهو لا يفيد ، إذ البحث فعلا في إمكان العمل بالظن فلا يصحّ إثبات إمكان العمل بالظنّ بنفس الظن ، إذ يلزم المصادرة حينئذ ، وهو عبارة عن جعل عين المدعى دليلا عليه.
ثالثها : انّه على تقدير تسليم ذلك أيضا فلا فائدة في هذا البحث أصلا ، إذ مع قيام الدليل على وقوع التعبّد بها لا حاجة إلى البحث عن الإمكان لأنّ الوقوع