وإذا قامت الامارة على عدم حرمة شرب التتن مثلا ، ولكن كان في الواقع حراما فلو تعبّدنا الشارع المقدّس بالعمل على وفق الامارة للزم الالقاء في مفسدة الحرام الواقعي ، وهو قبيح أيضا لا يصدر منه عزّ اسمه ، فيلزم حينئذ كون الشيء الواجب محكوما بالاستحباب ، أو الاباحة ، وهو كما ترى ، أو يلزم كون الشيء الحرام محكوما بالكراهة ، أو الاباحة ، وهو كما ترى أيضا.
في جواب المصنّف عنها
والجواب : ان ما ادّعى لزومه امّا غير لازم ، أو غير باطل ...
أجاب المصنّف قدسسره عن هذه الاشكالات والمحاذير بوجوه :
أحدها : ان التعبّد بالامارة ليس معناه جعل الحكم على طبق الامارة كي يستكشف من جعله إرادة ، أو كراهة ومصلحة ، أو مفسدة فيلزم المحاذير المتقدّمة المذكورة بل معنى التعبّد جعل الحجيّة لها ، إذ الحجية لما كانت من الاعتبارات فهي قابلة للجعل نظير الملكية والزوجية والحرية وأمثالها جاز للشارع المقدّس جعل الحجيّة إنشاء فيترتّب على الحجيّة المجعولة ما يترتّب على الحجية الذاتية غير المجعولة ، وتلك كحجية القطع ، من الآثار العقلية كالمنجزية في صورة الاصابة والعذرية في صورة الخطأ وكون موافقتها انقيادا وكون مخالفتها تجرّيا فكما تترتّب هذه الآثار على الحجيّة الذاتية تترتّب أيضا على الحجيّة الجعلية وليس معنى التعبّد بالامارات إلّا ذلك المطلب فلا يلزم منه أحد المحاذير المذكورة كما لا يخفى ، سوى المحذور الأخير من تفويت المصلحة ، أو الالقاء في المفسدة ، لكنّه مندفع ، إذ ليس كل واحد منهما بمحال ولا باطل ، إذ يجوز التعبّد بها إذا كان فيه مصلحة غالبة على مصلحة الواقع التي قد تفوت على المكلّف ، أو على مفسدته التي قد يلقى المكلّف فيها ، ويشهد بذلك المطلب جميع أدلّة نفي العسر والحرج والضرر ، إذ كل واحد من