وأمّا وجه التخصيص فيقال أن أحكام القطع مختصّة بالحكم الفعلي فيترتب عليه آثاره ولوازمه المذكورة سابقا ولا تترتب على الحكم الإنشائي ، إذا لا يكون البعث ولا الزجر بموجودين في هذه المرحلة من الأحكام كي يترتب عليها لوازم القطع من المنجزية عند الإصابة والمعذرية عند الخطاء وحكم العقل بوجوب المتابعة.
وبعبارة اخرى وهي أنّ البعث والزجر ملزومان وترتب آثار القطع على القطع لازم القطع والقطع لازم البعث والزجر فترتب آثاره لازم البعث والزجر ، لأن لازم اللازم لازم فإذا انتفى الملزوم انتفى اللازم المساوي. وذلك كانتفاء النّهار عند انتفاء الطلوع. وكذا في المقام إذا انتفى البعث والزجر انتفت آثاره.
فانقدح أنّ وجه عدول المصنف قدسسره عن تثليث الاقسام إلى جعل المكلف قسمين ، القاطع بالحكم ، أو الظان به ، أمران :
الأوّل : عموم أحكام القطع للواقعي والظاهري.
الثاني : اختصاص أحكامه بالفعلي من الأحكام لا بالإنشائي منها فضلا عن الاقتضائي منها كما ستطلع عليه إن شاء الله تعالى.
فالبالغ الذي وضع عليه القلم إمّا يكون قاطعا بالحكم الفعلي الواقعي من طريق حكم العقل مثلا ، وذلك نحو وجوب إطاعة المولى وحرمة معصيته ؛ وإمّا يكون قاطعا بالحكم الفعلي الظاهري من جهة قيام الإمارات والاصول عليه ؛ وإمّا يكون ظانّا به أي بالحكم سواء كان واقعيا أم كان ظاهريّا من طريق دليل الانسداد على تقدير الحكومة لا الكشف.
قال المصنّف رضى الله عنه : لأجل هذا التعميم والتخصيص عدلنا عمّا في رسالة الشيخ الأنصاري قدسسره من تثليث الأقسام أي أقسام المكلف إلى ثنائيّتها.
قوله : وإن أبيت إلّا عن ذلك فالاولى أن يقال أن المكلف ...
أي وإن منعت عن التقسيم الثنائي بل لا بد من تثليث الأقسام ، فالاولى أن