يقال أنّ المكلّف إمّا أن يحصل له القطع بالحكم من جهة الضرورة ، أو من جهة حكم العقل ، أو من طريق آخر ، وإمّا أن لا يحصل له ؛ وعلى الثاني إمّا أن يقوم عند المكلّف طريق معتبر على الحكم فيحصل له الظن به ، أو لا يقوم عنده طريق معتبر عليه فيكون شاكّا فيه. فلا بدّ للمكلف حينئذ أن يرجع إلى الاصول العملية ويعمل على طبقها كما أنّه يعمل على طبق قطعه وعلى طبق طريق معتبر. فإذا قلنا بالتثليث فالاولى أن يقال بهذا النحو من التثليث لا بنحو تثليث الشيخ قدسسره.
أمّا بيان وجه ، أولوية تثليث المصنّف قدسسره عن تثليث الشيخ الأنصاري قدسسره فيقال : أنّه بناء على تثليث الشيخ الأنصاري قدسسره يلزم تداخل موارد الأمارات والاصول ، لأنّه حيث يلحق الظن غير المعتبر بالشك ، ويلحق الشك الحاصل من الأمارة المعتبرة غير المفيدة للظن بالظن فيتداخل حكم الظن والشك ، إذ يرجع المكلّف في مقام العمل إذا حصل له الظن غير المعتبر بالحكم الشرعي إلى الاصول العملية مثلا إذا حصل له الظن به من طريق الشهرة الفتوائية مع عدم ثبوت حجيتها عنده ، فيرجع حينئذ إلى الأصل العملي في هذا المورد. فيلحق الظن حكم الشك من رجوع الظانّ إلى حكم الشاك من الرجوع إلى الأصل العملي. وكذا إذا حصل له الشكّ بالحكم الوضعي من طريق اليد مثلا ، فالمكلف المجتهد يرجع إلى هذا اليد الذي هو أمارة الملكية لقيام الدليل على حجيّة هذه الأمارة ولا يرجع إلى الأصل العملي فيلحق الشك حكم الظن من رجوع الشاك إلى حكم الظان من الرجوع إلى الأمارة.
فلو جعلنا المناط في الأمارات ظنا ، وفي الاصول شكا ، للزم تداخلهما في الأحكام كما ذكر آنفا. أمّا إذا جعلنا مناط الرجوع إلى الأمارات دليلا معتبرا على حكم شرعي ومعيار الرجوع إلى الاصول العملية عدم قيام دليل معتبر عليه ، فلا يلزم تداخلهما فيها أصلا. ولكن الشيخ قدسسره اختار في المناط الطريق الأوّل ، وعليه