نظير قول المولى لعبده : أكرم زيدا إن جاءك فاكرامه وصل إلى مرحلة الفعلية ولكن علّق على مجيئه وقبله يكون الاكرام واجبا فعليا تعليقيّا ، وبعده أي بعد المجيء يكون الاكرام واجبا فعليّا حتميّا ، وكذا ما نحن فيه حرفا بحرف.
الرابعة : مرتبة التنجّز وهي تتحقّق بعد تحقّق مراتب الفوق ، وهي عبارة عن وصولها إلى مرتبة المثوبة والعقوبة على إتيانها على وفق الإنشاء والجعل ، وعلى مخالفتها.
فإذا علم هذا التمهيد فيجاب عن الإشكال ثالثا بأن الأحكام الواقعية وصلت إلى مرتبة الفعلية التعليقية لأنّ من تمسّك بأصالة الاباحة وبأصالة الحلية وبأصالة الطهارة مثلا في مواردها فهو لا يعلم الأحكام الواقعية ، إذ الاصول العملية مختصّة بالجاهل الشاك المتحيّر.
وعليه : فقد يكون الأحكام الواقعية انشائية محضا ولم تصل إلى مرتبة الفعلية أصلا وان علم المكلّف بها ؛ وقد تكون إنشائية برزخا بحيث لو علم المكلف بها لصارت فعلية وإلّا فتبقى على إنشائيتها ففعليتها معلّقة على العلم بها ، وقد تكون فعلية محضا بحيث يترتّب الثواب والعقاب عليها وكونها فعلية كذلك يتحقّق بالعلم بها ، كما لا يخفى.
فالمنافاة ثابتة بين الأحكام الظاهرية ؛ وبين الأحكام الواقعية الفعلية محضا في صورة خطأ الامارة عن الواقع لا بينها وبين الأحكام الواقعية الإنشائية محضا ؛ والأحكام الواقعية برزخا بحيث لو علم المكلّف بها لصارت فعلية ولتنجّزت على المكلف ، إذ لا تكون مع الأحكام الواقعية الفعلية التعليقية إرادة لو كانت الزامية بالفعل ، ولا كراهة إذا كانت إلزامية بالترك في جميع المبادئ العالية كما في المبدأ الأعلى جلّ جلاله ، أي لا ينقدح الإرادة ولا الكراهة في نفس النبوي ولا في نفس العلوي ، صلوات الله وسلامه عليهما وعلى آلهما ، كما لا ينقدحان في ذات الباري