ذهب الأكثر إلى حجيّة قول اللغوي في تعيين الأوضاع ، وذهب بعض الأخر إلى عدم حجية قوله فيه ؛ واستدل القائل بحجيّة قول اللغوي بوجوه :
الوجه الأوّل : ان اللغوي من أهل الخبرة في تعيين الأوضاع وظواهر الألفاظ وقد تحقّق البناء من العقلاء على الرجوع إلى أهل الخبرة في كلّ فن من الفنون بلا اعتبار التعدّد والعدالة كالرجوع إلى الطبيب في تشخيص المرض وعلاجه وكالرجوع إلى المهندس في تقويم الدار وو.
والحال إنّه لم يثبت ردع شرعي عن ذلك أصلا وإلّا لوصل إلينا قطعا.
فإن قيل : لم اعتبرت العدالة في الفقيه الذي يكون مرجعا في تعيين الأحكام الشرعية والوظائف الدينية.
قلنا : هذا انّما يكون لدليل خاصّ ، وهو قول امامنا العسكري عليهالسلام : وأمّا من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر المولى فللعوام أن يقلّدوه.
هذا في بيان العدالة بل في بيان الورع ؛ وفيه ان الرجوع إلى أهل الخبرة انّما هو في الامور الحدسية التي تحتاج إلى إعمال النظر والرأي لا في الامور الحسّية التي لا دخل للنظر والرأي فيها وتعيين معاني الألفاظ من قبيل الامور الحسّية لأنّ اللغوي ينقلها على ما وجده في الاستعمالات والمحاورات وليس للغوي اعمال النظر والرأي فيها.
فبالنتيجة : ليس اللغوي من أهل الخبرة بالنسبة إلى تعيين ظواهر الألفاظ بالوضع ، أو بالقرينة العامّة ، بل هو من أهل الخبرة بالنسبة إلى موارد الاستعمال فقط.
الوجه الثاني : دعوى إجماع العلماء بل العقلاء على العمل بقول اللغوي ، فإنّ علماء الأمصار في جميع الأعصار يراجعون كتب اللغة ، وتلك كالقاموس والصحاح