التكليف ما دام لم يبلغ مرتبة البعث ، والارادة ، والزجر ، والكراهة ، لم يصر فعليّا كما سيأتي هذا في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي إن شاء الله تعالى ، وما لم يصر فعليا فلم يبلغ مرتبة التنجّز واستحقاق العقوبة على المخالفة بسبب تعلّق القطع به.
فالنتيجة : التكليف إذا لم يبلغ مرتبة الفعلية فلم يكن أمر بموجود ولا نهي بموجود وإذا لم يكونا بموجودين فلم تكن الإرادة والكراهة بموجودين فلا معنى حينئذ لتنجّزه إذا تعلق به القطع.
نعم : ربّما يوجب موافقة الحكم الإنشائي الذي لم يبلغ مرتبة الفعلية استحقاق المثوبة لكون الإنشائي المذكور محبوبا عند المولى فعلا ، أو تركا وهو أتى به أي المكلّف أتى به ، أو تركه فيستحق المثوبة على الفعل إذا كان محبوبا لدى المولى ، أو على الترك إذا كان الترك محبوبا لديه ، فمخالفة حكم الانشائي عن عمد ليس بعصيان ، بل كان هذا الحكم ممّا سكت الله تعالى عنه كما في الخبر المروي عن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ان الله تعالى حدّد حدودا فلا تعتدوها وفرض فرائض فلا تعصوها فسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا فلا تتكلّفوها رحمة من الله تعالى لكم (١).
فلاحظ وتدبّر كي تعلم عدم العقاب والعقوبة على مخالفة حكم الانشائي لأنّه مسكوت عنه ، وكلّ مسكوت عنه لا يوجب عصيانه عقوبة كما ان العمل به ليس بمحرّم بقرينة جملة فلا تتكلفوها ، وجملة رحمة من الله تعالى لكم من كورتين في الخبر الشريف ، كما لا يخفى.
قوله : نعم في كونه بهذه المرتبة موردا للوظائف المقرّرة شرعا ...
يعني ان الحكم إذا كان فعليّا ففي كونه موردا للأحكام الظاهرية المقرّرة
__________________
١ ـ الوسائل ، كتاب القضاء ، الباب الثاني عشر من أبواب صفات القاضي ، ح ١٦.