للظن يكون أصعب من خرط القتاد ، بل بنائهم على حجية الظن الحاصل من الظواهر والحاصل من أخبار الآحاد فحسب.
فخلاصة الكلام ان ماء الموصولة في كلمة ما اشتهر ينصرف بقرينة السؤال إلى الشهرة الروائية ولا يشمل الفتوى وتعليق وجوب الأخذ بالمشهور بما لا ريب فيه ليس ظاهرا في العلية بحيث يعتمد عليه حتى يقال ان الشهرة الفتوائية ممّا لا ريب فيه من باب اللطف ، أو الملازمة العادية بين قول المعصوم عليهالسلام وبين قول المشهور والأكثر ، بل تعليق الحكم بالوصف مشعر بالعلية ، والاشعار لا يعدّ عند أهل الفن ظهورا نحو إذا قال المولى لعبده أكرم عالما لعلمه ولا يكون ظاهرا في علية المأخذ ، أي مأخذ الاشتقاق ، إذ نحتمل أن تكون علّة وجوب الاكرام شيئا آخر وعنوان العالمية يكون عنوانا مثيرا نظير أكرم هذا الجالس ، هذا مضافا إلى ان الشهرة الفتوائية ليست ممّا لا ريب فيه.
الوجه الثالث : لحجية الشهرة الفتوائية ـ وهو عموم التعليل الوارد في ذيل آية النبأ وهو قوله تعالى : (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) والمراد من الجهالة هو السفاهة باتفاق المفسّرين رضي الله عنهم.
وطريق الاستدلال ان التعليل قد يكون مخصّصا للحكم المعلّل به كما في قولنا : لا تأكل الرمّان لأنّه حامض وقد يكون معمّما له كما في قولنا : لا تشرب الخمر لأنّه مسكر فإنّه يحكم بحرمة كلّ مسكر ولو لم يكن خمرا ، كما ان في المثال الأوّل يحكم بحرمة الحامض سواء كان رمانا أم كان غير رمّان ولا يحكم بحرمة حلو ؛ ومفاد التعليل في الآية الشريفة عدم لزوم التبيّن في كل ما ليس العمل به سفاهة.
ولا يخفى ان العمل بالشهرة الفتوائية لا يكون بسفاهة فلا يجب فيها التبيّن من حيث العمل من أجل مقتضى عموم التعليل ، وفيه منع الصغرى والكبرى.
امّا الصغرى فهي عبارة عن العمل بالجهالة سفاهة.