ولهذا قال المصنّف قدسسره في الجملة ، إذ لحجية الخبر الواحد شرائط ، كما ستأتي إن شاء الله تعالى.
ولا يخفى ان هذه المسألة من أهم المسائل الاصولية للوجهين السابقين ، وقد عرفت في أول الكتاب في بيان موضوع علم الاصول ان الملاك في المسائل الاصولية صحّة وقوع نتيجة المسألة في طريق استنباط الأحكام الكلية الذي هو وظيفة المقلّد لا وظيفة المقلد بالكسر ، إذ وظيفة المقلد العامي هي الأحكام الجزئية ، فالذي يقع في طريق استنباط الأحكام الجزئية هو المسائل الفرعية الفقهية لا المسائل الاصولية.
ولا يخفى ان نتيجة المسألة الاصولية تقع كبرى القياس الذي ينتج حكما كليّا فرعيّا مثل الصلاة واجبة في الشريعة الإسلامية المقدّسة ، إذ دلّ على وجوبها من القرآن الكريم قوله تعالى : (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً)(١) وغيرها من الآيات القرآنية ، فالصلاة مأمور بها بالأمر الإيجابي ، لأن صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب وكل ظاهرة حجّة ، وكلّ مأمور به بالأمر الإيجابي واجب ، فالصلاة واجبة ونرتّب القياس على هيئة الشكل الأوّل ونأخذ صغراه من الكتاب العزيز مثلا ونأخذ كبراه من قواعد علم الاصول بعد انضمام الصغرى إلى الكبرى ينتج حكما فرعيّا كليّا ، وهو وجوب كلّ صلاة إلّا ما خرج بالدليل الخاص وهو الصلاة المندوبة وهي كثيرة في الشريعة الإسلامية المقدسة.
ولا يخفى ان هذه النتيجة تتوقّف على تحقّق أمرين :
الأوّل : كون صيغة الأمر وهي أقيموا مثلا ظاهرة في الوجوب.
الثاني : كون ظهور القرآن الكريم حجّة ويتكفّل علم الاصول بيان هذين الأمرين.
__________________
١ ـ سورة النساء ، آية ١٠٣.