لبيان تعليق حكم الجزاء على الشرط ، فإذا كانت القضية الشرطية لبيان تحقّق الموضوع فقد كانت مثل قضية إن رزقت ولدا فاختنه فلا مفهوم لها حينئذ ، فإنّ الختان عند انتفاء الولد منتف بانتفاء موضوعه.
وكذا في المقام انتفاء وجوب التبيّن عن الخبر عند انتفاء مجيء الفاسق به انّما هو لانتفاء موضوعه لا لأجل المفهوم ، إذ مع عدم مجيء الفاسق بالخبر لا خبر هناك كي يجب التبيّن عنه ، أو لا يجب.
ومن الواضح : ان الحكم دائر مدار الموضوع وجودا وعدما ؛ وفيه ان الموضوع في القضية هو النبأ ، ومجيء الفاسق به شرط لوجوب التبيّن عنه فلا تكون القضية الشرطية مسوقة لبيان تحقّق الموضوع كي لا يكون لها مفهوم أصلا ، نظير الشرط الوارد مورد الغالب نحو قوله تعالى (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً)(١) ، إذ ليس لهذا الشرط مفهوم كي يجوز الاكراه على البغاء والزنا ان لم يردن التحصّن والعفّة ، إذ جواز الإكراه ينتفي بانتفاء موضوعه ، وهو إكراه ، إذ لم يردن التحصّن.
توضيح ذلك : ان الجزاء تارة : يكون في نفسه متوقّفا على الشرط عقلا بلا دخل للتعبّد المولوي كما في قولك : إن رزقت ولدا فاختنه ، إذ الختان يتوقّف على وجود الولد في الخارج عقلا من باب توقّف الحكم على موضوعه ، وكذا مثل ان ركب الأمير فخذ ركابه حرفا بحرف.
واخرى : يكون الجزاء متوقّفا على الشرط بالتعبّد المولوي كما إذا قال المولى لعبده إن جاءك زيد فأكرمه ، فإن الإكرام غير متوقف على المجيء عقلا نظير توقف الختان على وجود الولد وتوقف أخذ الركاب على الركوب ؛ ولكن يتوقّف الاكرام على المجيء بالتعبّد ، فكل قضية شرطية كان التعليق فيها من قبيل الأوّل فهو إرشاد
__________________
١ ـ سورة النور ، آية : ٣٣.