واستشكل على الاستدلال بآية النبأ على حجيّة خبر الواحد ثالثا بأنّا لو قطعنا النظر عن الإشكال الأول والثاني للزم الإشكال الثالث في المقام. أمّا بيانه فلأنّه يقال إذا أخبرنا عادل عن الإمام عليهالسلام بأنّ صلاة الجمعة واجبة فالواسطة بيننا وبين الإمام عليهالسلام عادل واحد ، وهو زرارة بن أعين رحمهالله مثلا فمفهوم آية النبأ يدل على حجيّة قوله ومعنى حجيّته تصديقه ومعنى تصديقه ترتيب أثر الشرعي على ما أخبر به العادل ، وهو وجوب صلاة الجمعة من حيث العمل. ولا ريب في أنّ ترتيب الأثر عليه ثابت بمعنى تصديق العادل فيما أخبر به ، إذ قول الإمام عليهالسلام ووجوب متابعة قوله عليهالسلام معلوم لنا بالضرورة من مذهبنا.
وهذا لا إشكال فيه ، إذ الموضوع خبر العادل والحكم وجوب تصديقه وهو مستفاد من قول صدّق العادل ، وهذا مستفاد من دليل حجية خبر العادل. وأمّا إذا كان الواسطتان ، أو الوسائط بيننا وبين الإمام عليهالسلام موجودة فيرد إشكال اتحاد الموضوع والحكم معا في هذا المقام.
بيان ذلك أنّ في ثبوت السنة المصطلحة أعني منها قول المعصوم وتقريره وفعله عليهالسلام بالإخبار بالواسطة كما إذا أخبر الكليني عن علي بن إبراهيم القمي عن البزنطي عن الرضا عليهالسلام أنّه يجب الغسل يوم الجمعة ، اشكالين : أحدهما يختص بالإخبار عن الواسطة كخبر الكليني قدسسره ، وثانيهما يختص بخبر البزنطي ولا يشمل خبر الكليني قدسسره.
وخلاصة الإشكال الأوّل أنّه لا ريب في أنّ جعل الحجية للخبر الواحد إذا جاء به العادل ووجوب تصديقه ثابت في فرض يكون لمؤداه أثر عملي وإلّا كان جعل الحجية لغوا وهو قبيح لا يصدر من المولى الحكيم جلّ وعلا ، كما إذا أخبر عادل بوجود جبل القاف مثلا فجعل الحجية لهذا الخبر يكون لغوا لعدم ترتب أثر شرعي من حيث العمل عليه.