المحرزة التي تكون ناظرة إلى الواقع بمعنى أن المستفاد من أدلتها البناء العملي على أنّ مفادها هو الواقع كالاستصحاب وقاعدة الفراع وقاعدة التجاوز بناء على كونها من الاصول العملية لا من الأمارات ، كما سيأتي هذا في مبحث الاشتغال والاستصحاب إن شاء الله تعالى ؛ وقد تكون من الاصول غير المحرزة بمعنى أنّ المستفاد من أدلتها أنّها وظائف عملية مجعولة في ظرف عدم الوصول إلى الواقع لا البناء على أنّ مفادها هو الواقع ، وتلك كالبراءة العقلية والشرعية. وعلى كلّ تقدير قد يكون الأصل نافيا للتكليف دائما كالبراءة وقد يكون مثبتا للتكليف دائما كقاعدة الاشتغال ، وثالثة يكون نافيا للتكليف مرة ومثبتا له اخرى ، كالاستصحاب نحو استصحاب عدم وجوب السورة ، إذ قبل البلوغ ما كانت واجبة على المكلّف وبعد البلوغ نشك في وجوبها عليه. ونحو استصحاب وجوب صلاة الجمعة على المكلف في عصر الغيبة لأنّها كانت واجبة في عصر الأئمة عليهمالسلام وفي عصر الغيبة نشك في وجوبها فنستصحب وجوبها. فالأوّل ناف له والثاني مثبت ؛ فإن كان الأصل نافيا للتكليف ولكن دلّ خبر زرارة قدسسره مثلا على ثبوته فلا مجال حينئذ لجريان الأصل سواء كان محرزا أم كان غير محرز بلا فرق بين القول بحجية الخبر الواحد كما هي الأظهر وبين القول بوجوب العمل به من جهة العلم الإجمالي بصدور أكثر الأخبار عن المعصوم عليهالسلام.
أمّا على القول بحجيته فواضح لا يحتاج إلى البيان ، إذ ما دام الدليل الاجتهادي موجودا لا تصل النوبة بالأصل العملي ؛ وأمّا على القول بوجوب العمل بأخبار الآحاد الموجودة في الكتب المعتبرة من جهة العلم الإجمالي بالصدور فلعدم جريان الأصل في أطراف العلم الإجمالي لأنّ جريانه في جميع الأطراف موجب للمخالفة القطعية العملية ، وفي بعضها ترجيح بلا مرجّح.
فلا فرق بين القول بحجية الخبر الواحد وبين القول بوجوب العمل به من