وبين مسألة وجوب دفع الضرر المظنون ، إذ لا دليل على أن يرجع جميع أحكام العقل إلى الحسن العقلي والقبح العقلي ، والعقل يستقل بدفع الضرر سواء كان مظنونا أم كان محتملا لحفظ النفس عن الوقوع فيه.
ويدل على عدم ارتباطهما بالآخر اختلاف العقلاء في الحسن والقبح العقليين واتفاقهم في وجوب دفع الضرر المظنون عقلا وهذا الاتفاق مع ملاحظة ذاك الاختلاف يكشف كشفا قطعيا عن إن مناط حكم العقل بوجوب دفع الضرر المظنون لا يرتبط أصلا بمسألة التحسين والتقبيح العقليين لا وجودا ولا عدما.
فالنتيجة : فالعقل يستقل بدفع الضرر المظنون وهو لا يستقل بالتحسين والتقبيح عند جميع العقلاء بما هم عقلاء.
قوله : فتدبر جيدا ...
وهو تدقيقي لوجهين :
الأول : لظهور كلمة التدبر في التدقيق.
الثاني : لظهور كلمة الجيد فيه لا في التمريض ، كما لا يخفى.
قوله : والصواب في الجواب هو منع الصغرى ...
والصحيح في الجواب منع إحدى المقدمتين على سبيل منع الخلو بأن تمنع الصغرى على تقدير والكبرى على تقدير آخر وكلتاهما على تقدير ثالث.
بيان ذلك : أنه إن كان مراد المستدل من الضرر هو الضرر الاخروي فالكبرى وإن كانت صحيحة تامة ، إذ العقل مستقل بدفع الضرر المظنون بل بدفع الضرر المحتمل أيضا ، ولأجل هذا وجب الاحتياط في الشبهة البدوية قبل الفحص وفي أطراف العلم الاجمالي وما هذا إلّا لدفع الضرر المحتمل عقلا بل الضرر محتمل حتى في موارد العلم التفصيلي بالتكليف فإن استحقاق العقاب على المخالفة وإن كان مقطوعا به فيها إلّا ان العقاب الاخروي فيها أيضا محتمل وليس بمعلوم