خيرا من العدم فأنحاء الموجودات من كل سنخ كالإنسان والحيوان بل النباتات والجمادات مختلفة ذاتا وخصوصية ، بل الفردان من سنخ واحد ليسا بمتّحدين في جميع الخصوصيات.
ولهذا يقال الناس معادن كمعادن الذهب والفضّة ، كما في الخبر. فوجود الموجودات كلّا خير من عدمها لأنّه صدر من منبع الخير والفيض فيصدر منه خير محض ، إذ صدور الشرّ قبيح منه والقبيح لا يصدر من منبع الخير والفيض ، كما لا يخفى. فوجود الجمادي والترابي في حده مرتبة من الوجود الذي هو خير من العدم فالآثار القبيحة التي تنشئ من الوجودات الناقصة ثابتة من جهة نقصان مرتبة وجودها.
وفي ضوء هذا : فقد انقدح وجه إرادة الكافر والعاصي الكفر والعصيان وإرادة المؤمن والمطيع الايمان والطاعة لأنّ كل واحد منها انّما يكون من جهة اقتضاء ذاتها.
وإذا انتهى الأمر إلى الذاتي يرتفع الإشكال وينقطع السؤال بلم ، إذ منشأ استحقاق العقاب والثواب والمثوبة يكون أمرا ذاتيّا فيرتفع الإشكال من البين لأنّ الذاتيّات ضروري الثبوت للذات نظير إثبات الحيوانية والناطقية للإنسان والذاتي لا يعلل فكما ينقطع السؤال بلم يكون الإنسان حيوانا ، أو ناطقا فكذا ينقطع السؤال بلم يكون العبد متجرّيا على مولاه ومنقادا لمولاه.
وكذا ينقطع السؤال بلم يختار المؤمن والمطيع الايمان والطاعة والكافر والعاصي الكفر والعصيان ولا يحتاج الذاتي إلى ذكر العلّة وبيان السبب لأنّه ضروري الثبوت للشيء ؛ وكل ضروري الثبوت لا يحتاج إلى ذكر العلّة وبيان السبب فهذا لا يحتاج إليه نظير الوجود لذات الباري جلّ جلاله ، إذ هو ضروري الثبوت له تعالى لكونه واجب الوجود امّا بخلاف الممكن الوجود فإن كل واحد من وجوده وعدمه