قوله : ولو قيل بعدم جريان الاستصحاب في أطراف العلم الاجمالي ...
إذ إجراءه فيها يوجب حصول التناقض في مدلول دليل الاستصحاب ضرورة ثبوت المنافاة بين حرمة نقض اليقين بالشك في كل واحد من الأطراف بمقتضى لا تنقض ـ وبين وجوب النقض في بعض الأطراف بمقتضى ولكن تنقضه بيقين آخر مثلا ، إذا كانت حالة سابقة الإناءين طهارة فتنجس أحدهما بملاقات النجاسة واشتبه الاناء المتنجس بينهما وعلمنا بنجاسة أحدهما.
وعليه : فإذا عملنا بمقتضى صدر دليله ، وهو لا تنقض اليقين بالشك لزم منه الحكم بطهارة كليهما ، إذ كل واحد منهما مشكوك النجاسة بعد ما كان متيقن الطهارة فيتم أركان الاستصحاب في كل واحد منهما ، وإذا لاحظنا اليقين بنجاسة أحدهما فهو يقتضي الحكم بنجاسة كليهما على البدل كما إن مقتضى ذيل دليل الاستصحاب ، وهو ولكن أنقضه بيقين آخر ، الحكم بنجاسة كل واحد على البدل.
فالنتيجة : إن صدره يقتضي الحكم بطهارتهما على البدل ، وذيله يقتضي الحكم بنجاستهما على البدل.
ومن الواضح : أن التناقض بين الطهارة والنجاسة واضح ، والمنافاة بينهما عيان لا يحتاج إلى البيان أما بيان علة إجراء الاستصحاب فيما نحن فيه ، فهو إنه إذا أجرينا الاستصحاب في بعض الأطراف فليس الشك بفعلي في سائر الأطراف.
مثلا : إذا أجرى المجتهد حال الاستنباط الاستصحاب بالاضافة إلى وجوب صلاة الجمعة وليس له التفات إلى التكاليف المعلومة بالاجمال بل تكون مغفولا عنها فلا يلزم التناقض بين صدر دليل الاستصحاب وبين ذيله لأنه أجرى الاستصحاب بملاحظة صدره في بعض الأطراف ولا يلاحظ ذيله بالاضافة إلى سائر الأطراف كي يلزم التناقض بينهما فيما نحن فيه.
ومن الواضح : أنه يشترط في إجراء الاستصحاب أن يكون الشك اللاحق