الاجماع المحصل الذي يكشف قطعا عن رضاء المعصوم عليهالسلام وكالدليل العلمي ، لكان خصوص موارد الاصول النافية في المظنونات والموهومات والمشكوكات محلا للاحتياط عقلا وشرعا.
أما عقلا فللعلم الاجمالي بالتكاليف.
وأما شرعا فللاجماع وللعلم باهتمام الشارع المقدّس بالتكاليف والقوانين بشرط أن لا يختل بالنظام وبشرط أن لا يوجب العسر والحرج فإذا ، أوجب الاحتياط التام في موارد الاصول النافية الاختلال بالنظام ، أو العسر والحرج فقد وجب الاحتياط بالمقدار الذي لا يوجب أحدهما فمحل احتياط الكلي ، أو الجزئي الذي يسمى في الاصطلاح بتبعيض الاحتياط هو موارد الاصول النافية وليس محله بمحتمل التكليف مطلقا أي سواء كان موارد الاصول المثبتة أم كان موارد الاصول النافية ، إذ قد عرفت سابقا عدم المانع عن إجراء الاصول المثبتة في أطراف العلم الاجمالي ، فتحصل مما ذكرناه إنه إذا انحل العلم الاجمالي إلى العلم التفصيلي والشك البدوي ففي طرف يجري فيه الأصل المثبت فيحصل العلم التفصيلي التعبدي بالتكليف فيه وفي طرف لا يجري فيه الأصل المذكور فيتحقق الشك البدوي بالتكليف فيه ، وذلك كاستصحاب وجوب صلاة الجمعة عصر الغيبة ، وكأصالة البراءة عن وجوب صلاة الظهر يوم الجمعة بعد استصحاب وجوب صلاة الجمعة.
وإذا لم ينحل العلم الاجمالي بالتكاليف فالاحتياط واجب في أطرافه كلا إذا لم يوجب الاختلال بالنظام ، أو العسر والحرج وإلّا وجب بعضا ، والاصول النافية للتكليف عبارة عن أصالة البراءة واستصحاب عدم التكليف مثلا ، وكأصالة البراءة عن وجوب السورة ، أو كاستصحاب عدم وجوبها ، إذ قبل البلوغ لم تكن واجبة على المكلف قطعا وبعد البلوغ شك في وجوبها عليه فيستصحب عدم وجوبها بعده ليقين السابق والشك اللاحق فأركانه تامة ، في هذا المقام.