وأما وجه توهم الآخر ، وهو اختصاص حجية الظن بالطريق دون الظن بالواقع فأمران :
أحدهما : ما أفاده بعض الفحول ، وهو المحقّق الاصفهاني قدسسره صاحب الحاشية على المعالم ، وتبعه أخوه صاحب الفصول في الفصول ، وقال فيها إنا نقطع في عصر غيبة ولي الله الأعظم ، أرواحنا فداه ، بالتكليف الفعلي بالاضافة إلى كثير من الأحكام الشرعية ، ولكن بحكم العيان وشهادة الوجدان لا سبيل لنا في عصرنا هذا إلى القطع بها ، إذ عمدة مداركها وأدلتها كتاب وأخبار آحاد وكلاهما ظنيان من حيث الدلالة ، وكذا ليس لنا في عصر الغيبة القطع بطريق معين يحصل لنا القطع من الدليل السمعي إن الشارع المقدّس قد حكم بقيامه مقام القطع ، أي بقيام الطريق المعين مقام القطع ، وذلك كقيام خبر الثقة مقام القطع والعلم ، أو قد حكم الشارع المقدّس بقيام طريق الطريق المعين مقام القطع.
مثلا : إذا قام خبر الثقة على حجية الاجماع المنقول ، أو على حجية الشهرة الفتوائية والقرعة مثلا ، فالطريق المعين هو الاجماع المنقول والشهرة المذكورة وغيرها وطريق الطريق المعين هو خبر الثقة قام مقام القطع بحكم الشارع المقدّس سواء كان قيام الطريق ، أو قيام طريق الطريق المعين حال انفتاح باب العلم بالأحكام الشرعية مقام القطع أم كان قيامهما مقامه حال انسداد باب العلم بها وحال تعذره بالواقع.
وكذلك نقطع بأن الشارع المقدّس قد جعل لأجل نفعنا ومصلحتنا إلى تلك الأحكام المعلومة إجمالا طريقا مخصوصا بل طرقا مخصوصة ، ونقطع بأن الشارع المقدّس قد كلّفنا تكليفا فعليا بالعمل بمؤدى طرق مخصوصة وبمفادها وحيث انه لا سبيل لنا في عصر الغيبة غالبا إلى تعيين الطرق المخصوصة بسبب القطع ولا بطريق نعلم اعتباره وحجيته شرعا بحيث يحصل لنا القطع من الدليل السمعي ،