وعليه : فلا تكليف قبل البيان ولكن يحتمل احتمالا قويا أن يكون المراد من الموصول في كلمة ما آتاها المال فالمعنى أن الله تعالى لا يكلف نفسا إنفاق مال إلّا ما أعطاها من المال هذا المعنى ظاهر الآية الشريفة بقرينة قبلها وبعدها من الآيات الأخر (١) كما في تفسيرها. ويكون هذا الاحتمال موجودا.
ومنها قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها)(٢).
ومن الواضح : إن امتثال الحكم المجهول خارج عن وسع المكلف في نظر أهل العرف ، ولكن ظاهرها نفي التكليف بغير المقدور.
ومن المعلوم : إن هذا النفي أجنبي عن البراءة ، إذ ليس الاحتياط الذي يتحقق بترك الشيء الذي يحتمل فيه الحرمة كشرب التبغ مثلا ، من التكليف بغير المقدور بل فيه كمال القدرة ، كما لا يخفى.
في الاستدلال بآية التعذيب :
ومنها قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(٣) طريق الاستدلال بها على المدعى أن بعث الرسول كناية عن بيان الأحكام والتكاليف وعن قيام الحجة على التكليف.
وعليه : فإذا فعل ما يحتمل تحريمه ، أو ترك ما يحتمل وجوبه فليس العقاب بمحقق على مخالفة الواقع ، إذ لا عذاب موجود قبل بيان الحكم والتكليف فيكون المراد من قوله تعالى لا يحسن منا العذاب قبل البيان وهذا معنى البراءة من التكليف الالزامي من الوجوب والحرمة ولا يخفى عليك أن الاستدلال بها يتوقف على تحقق الأمرين فيها.
__________________
١ ـ سورة الطلاق آية ٧.
٢ ـ سورة البقرة صدر الآية ٢٨٦.
٣ ـ سورة الاسراء آية ١٥.