وثانيا : كان نفي التكليف ظاهرا دليلا على عدم إيجاب الاحتياط الذي هو موضوع المؤاخذة حقيقة وواقعا.
فإن قيل : قد اشتهر في الألسن إن الآثار غير الشرعية لا تترتب وجودا وعدما على جريان الأصل العملي فكيف ترتفع المؤاخذة بارتفاع التكليف بأصل البراءة من الحرمة في الشبهة التحريمية ، ومن الوجوب في الشبهة الوجوبية قلنا هذا الأمر مختص بما إذا لم يكن جريان الأصل موجبا لانتفاء موضوع الأثر حقيقة.
وأما إذا كان جريان الأصل موجبا لانتفاء موضوع الأثر حقيقة فترتب الآثار غير الشرعية وجودا وعدما على جريان الأصل العملي ، كما فيما نحن فيه ، فرفع المؤاخذة يترتب على نفي التكليف ظاهرا بالعرض وثانيا ، إذ يترتب رفعها ، أولا وبالذات على عدم وجوب الاحتياط امتنانا وتفضلا في الشبهات الحكمية ، فالدليل على رفع التكليف دليل على عدم إيجاب الاحتياط حقيقة والدليل على عدم وجوبه دليل على عدم المؤاخذة فالدليل على دفع التكليف ظاهرا دليل على عدم المؤاخذة كما إن عدم وجوب الاحتياط في الشبهات مستتبع لعدم استحقاق العقوبة على مخالفة التكليف المجهول ظاهرا ، هذا إشكال الأول عليه.
والاشكال الثاني عليه
قوله لا يقال إن إيجاب الاحتياط لا يوجب المؤاخذة على مخالفة التكليف حتى يكون عدمه موجبا لعدمها بل وجوب الاحتياط يوجب المؤاخذة على مخالفة نفس الاحتياط ، كسائر التكاليف المولوية ، إذ ترك الواجب المولوي يوجب المؤاخذة على مخالفة نفس الواجب بالوجوب المولوي وكذا فعل المحرم المولوي حرفا بحرف وعلى هذا فلا يدل رفع إيجاب الاحتياط على رفع المؤاخذة عن التكليف المجهول ظاهرا كي يتم الاستدلال بحديث الرفع على البراءة بل يدل رفع