الاخباريين بوجوب الاحتياط فيها أيضا فاختصاص هذه الرواية بالشبهة التحريمية موجب لرجحانها على سائر روايات الباب ، كما لا يخفى.
أما المصنف قدسسره فقد قال إن دلالته تتوقف على عدم صدق الورود للنهي إلّا بعد العلم بوروده وبعد قيام الأمارة على النهي عنه وإن صدر النهي عن الشارع المقدس ووصل إلى غير واحد من المكلفين وقد خفى على من لم يعلم بصدور النهي عنه من قبل المقنن المحترم والشارع المعظم.
وعليه : فلا يصدق ورود النهي عن شيء قبل حصول العلم به وقبل قيام الأمارة التي هي بحكم العلم به وإن صدر النهي عنه عن الشارع المقدّس ووصل إلى الأشخاص المتعددة من المكلفين ولكن لم يصل إلى المكلف غير العالم به ، وذلك كزيد بن أرقم مثلا.
ولا ريب في أن هذا الادعاء ممنوع جدا ، إذ من الواضح بعد صدور النهي عنه من قبل الشارع المقدس يصدق عنوان الورود سيما إذا وصل النهي إلى كثير من افراد المكلفين وإن خفى النهي على من لم يصل إليه وعلى من ليس بعالم بصدوره.
وفي ضوء هذا : فانقدح لك إن الورود إذا كان بمعنى الوصول فالاستدلال به على البراءة في الشبهة التحريمية تام مقبول ، إذ لم يصل إلينا نهي من قبل المولى جلّ شأنه وإن صدر النهي عنه واقعا ، وأما إذا كان الورود بمعنى الصدور فلا يكون الاستدلال به تاما مقبولا ، إذ يحتمل أن يصدر النهي عن قبل الشارع المقدس ووصل إلى المسلمين الموجودين في صدر الاسلام بالاضافة إلى شرب التبغ إما يحتمل أن يختفي علينا فلعلل وأسباب.
أما المصنف فقد قال إنا لا نسلم أن يكون الورود ثابتا بمعنى الوصول لأنه إذا صدر النهي عن المولى عزّ اسمه ، فيصدق الورود حينئذ سيما إذا وصل إلى عدة من المسلمين ، إما من جهة العلل فيكون مخفيا علينا.