وفي ضوء هذا : فتكون نتيجة القولين الأوّلين وجوب الاحتياط في الشبهات البدوية بعد الفحص.
ونتيجة القول الثالث اجراء البراءة فيها ، فالمجتهدون يقولون للاخباريين إذا تمسّكتم بالقول الأوّل والثاني فإنّا تمسّكنا بالقول الثالث وهو الاباحة ولازمه البراءة عن الحرمة في المشتبه ، ولا يثبت المدعى بالأمر الذي يكون موردا للنفي والاثبات ومحلّا للقيل والقال ، وهو الحظر والتوقّف.
الثاني : أنّه ثبتت الاباحة شرعا لتقدّم أدلّة الاباحة على أدلّة الاحتياط والتوقّف لكونها أخصّ منها لاختصاصها بالشبهة التحريمية ولشمول أدلّة الاحتياط والتوقف لمطلق الشبهة والمشتبه سواء كانت تحريمية أم كانت وجوبية وهي عام والعام لا يعارض الخاص لتقدّم الخاص على العام ، إذ في العمل بالخاص عمل بالعام في الجملة وليس العمل بالعام بعمل بالخاص لافتراقه عنه في مادّة الافتراق ولكن لا يجوز افتراق الخاص عن العام لاستحالة تحقّقه بدون تحقّقه كما ترى هذا المطلب كلّه في نحو اكرم العلماء وأكرم الفقهاء منهم ، فلا يتعارض العام الخاص في وجوب إكرام النحاة من العلماء لأجل تقدّم الخاص على العام من باب تقدّم الأخص على الأعمّ وهو من باب تقدّم الأظهر على الظاهر.
وعليه : فيجب اكرام خصوص الفقهاء على المكلف دون غيرهم إذا الخاص يبيّن المراد من العام فلا تعارض بينهما فلا تساقط كي يرجع إلى أصالة الحظر أو إلى اصالة التوقّف في الشبهات البدوية بعد الفحص.
وعليه : فالدليل في المقام هو الخاص الذي دلّ على الاباحة في الشبهات التحريمية.
الثالث : لو قلنا بالتوقّف في الأفعال غير الضرورية لما كان لازم هذا القول قولا بالتوقّف في المشتبه من حيث التحريم إذ لا ملازمة عقلا ولا عرفا بين القول