وبالجملة : إذا كان الاحتياط بداعي احتمال الأمر وبداعي احتمال النهي ، فيترتّب عليه الثواب ، وترك العمل بداعي احتمال النهي من قبله فيه في المحرّمات والمكروهات ، هذا في العبادات والتوصليات.
وبمعنى الاتيان بما يحتمل دخله في صحّة المعاملات مع عدم الدليل المعتبر على اعتباره كإتيان إيجاب عقد النكاح وقبوله باللغة العربية ، وبمعنى الترك لما يحتمل دخله في فساد المعاملات وذلك كترك وقوع إيجاب العقد المذكور وقبوله بغير اللغة العربية ، هذا في المعاملات بالمعنى الأعمّ يشمل العقود والإيقاعات أيضا كما يشمل مطلق مبادلة مال بمال سواء كان بعنوان البيع أم كان بعنوان الصلح أم كان بعنوان غيرهما كما فصّل هذا في الفقه الشريف.
أمّا حسن الاحتياط عقلا فلرجحان حفظ الواقع على ما هو عليه عقلا وهو يتحقّق بالاحتياط.
وامّا حسنه شرعا فللأخبار الصحيحة الآمرة بالاحتياط كما في الوسائل وغيرها من الكتب القيّمة عند الأصحاب رحمهمالله.
فإن قيل : ان صيغة الأمر موجودة في أخبار الاحتياط نحو فاحتط وهي قد وضعت للطلب الحتمي فلا أقل تكون ظاهرة فيه وهو بمعنى الوجوب. وعليه : فالاحتياط واجب فثبت مدعى الاخباريين ، رضي الله عنهم.
قلنا : انّها محمولة على الندب والاستحباب والرجحان دون الحتم والالزام لقرائن وهي اخبار البراءة ، كما تقدّمت.
قوله : وربّما يشكل في جريان الاحتياط في العبادات ...
وربّما استشكل في جريان الاحتياط في العبادات لأنّ الاحتياط عبارة عن الاتيان بمحتمل الواقع. وهذا الاتيان لا يمكن في العبادة لأنّ قوام العبادة بقصد القربة والنيّة المذكورة متوقّفة على الأمر.