وعليه : فمع الشك في الأمر تتعذّر نيّة القربة ، وحينئذ لا يمكن الاتيان بمحتمل العبادة لأنّ المأتي به بلا نيّة القربة يعلم بأنّه ليس هو بالعبادة وإلّا لوجب الإتيان به بحكم العقل مع قصد التقرّب.
وعلى طبيعة الحال : فيشكل جريان الاحتياط في العبادات عند دوران الأمر بين الوجوب والاباحة ، أو بين الوجوب والكراهة أو بين الوجوب والحرمة إذ في هذه الاحتمالات الثلاث لا يتمشّى من المكلف قصد القربة لتوقّفه على الأمر وهو لا يحرز فيها لاحتمال الاباحة في الاولى أو الكراهة في الثانية أو الحرمة في الثالثة.
ومن الواضح انّه ليس لكل واحد منها أمر أصلا ، امّا بخلاف دوران الأمر بين الوجوب والاستحباب فلا مجال للإشكال للعلم بالأمر الذي يصحّح نيّة القربة ، مثلا :
إذا سافر شخص ووصل إلى رأس أربعة فراسخ ، وأراد أن يبيت هنا ليلا وفي الغد رجع فحكم صلاة عشائه امّا قصر وامّا تمام ، ونعلم اجمالا أنّ أمر الشارع المقدّس تعلّق بأحدهما فقط وإذا فعلهما احتياطا فلا يعلم تعلّق الأمر بكل واحد من القصر والتمام بخصوصه وحينئذ يشكل إمكان الاحتياط هنا لأنّ كلّ واحد منهما عبادة والعبادة يتوقّف على قصد القربة ، فكل واحد منهما يتوقّف عليه وقصد القربة يتوقّف على الأمر.
وإذا لم يحرز الأمر فكيف ينوي المكلّف بفعل كل واحد منهما قصد التقرّب إلى ساحة المولى الجليل.
خلاصة الكلام :
إتيان العمل بلا نيّة القربة ليس بعبادة قطعا ولو أتى به مع قصد القربة فهذا العمل تشريع محرم.