في الجواب عنه :
اجيب عن هذا الاشكال بثلاثة أجوبة :
الأوّل : ان حسن الاحتياط عقلا يوجب لمطلوبيّته شرعا بناء على الملازمة بين حكم العقل وبين حكم الشرع الأنور في هذا المقام.
وعلى هذا : يمكن قصد القربة في العبادة التي تفعل احتياطا لأجل العلم بأمر الشارع المقدّس تفصيلا بالإضافة إلى هذه العبادة بسبب حسن الاحتياط عقلا ، ولكن المصنّف قدسسره لم يرتض هذا الجواب ، وقال في وجه فساده : ان حسن الاحتياط عقلا يكون من قبيل العارض على الاحتياط مثل عروض السواد على القرطاس مثلا.
ومن الواضح ؛ ان العارض بما هو عارض متأخّر رتبة عن المعروض عليه وعلى هذا الأمر : فيمتنع أن يكون العارض من جملة علل وجود المعروض عليه لأنّه دور مصرح.
امّا بيانه فلأنّ العارض يتوقّف وجودا وتحقّقا على وجود المعروض خارجا كتوقّف وجود السواد خارجا على وجود القرطاس خارجا ، فلو كان العارض علّة لوجود المعروض للزم الدور إذ يتوقّف وجود المعلول على وجود علّته في الخارج كتوقّف وجود النهار على طلوع الشمس خارجا فلا يكون حسن الاحتياط عقلا موجبا لمطلوبيّته شرعا أصلا كما لا يخفى.
الثاني : ان ترتّب الثواب على الاحتياط يتوقّف على كونه طاعة ، وهو يتوقّف على تعلّق الأمر به فيكشف ترتّب الثواب عن تعلّق الأمر به على نحو كشف المعلول عن علّته وهذا يسمّى في الاصطلاح بالبرهان الإني فيتأتى حينئذ الاتيان بعمل بنيّة القربة لكشف تعلّق الأمر به من جهة ترتّب الثواب على الاحتياط بما هو احتياط ، وهذا واضح.