عن ذلك فموضوع ، الحكم هو الخبر.
وحينئذ فإمّا أن يلحظ الخبر بما هو هو ، أو بما انّه طريق ولا يمكن جمعهما معا في ملحوظ واحد لأنّه من اجتماع الضدّين ، إذ لحاظه بما هو هو يستدعي لحاظه استقلاليا ولحاظه بما انّه طريق يقتضي لحاظه آليّا وتبعيّا نظير لحاظ المرأة إذ الملحوظ الاستقلالي الأصلي هو الصورة المرتسمة فيها ، أي في المرآة ، وكذا فيما نحن فيه الملحوظ الأصلي هو الواقع ولحاظ الخبر آلي تبعي.
فالنتيجة لا يكون الدليل على التنزيل بموجود إلّا بذاك اللحاظ الآلي فيكون الخبر حجّة موجبة لتنجّز متعلّقه ومصحّحة للعقاب على مخالفته كالقطع أي يترتّب عليه جميع أحكام القطع ولوازمه. فمعنى جعل الحجية للامارات هو جعل الطريقيّة والكاشفية. لا القول بأن المجعول في حجية الامارات هو المنجزية والمعذرية فقط لكونه مستلزما للتخصيص في حكم العقل ، والحال ان حكم العقل بعد ثبوت ملاكه غير قابل للتخصيص.
بيان ذلك : ان العقل مستقل بقبح العقاب بلا بيان ، وعليه فإذا قامت الامارة على التكليف فلا إشكال في تنجّزه على المكلّف وكونه مستحقّا للعقاب على مخالفته وكان حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان منتفيا بانتفاء موضوعه لأنّ الشارع المقدّس جعل الامارة طريقا وبيانا فيقال : العقاب بلا بيان قبيح إلّا مع قيام الامارة على التكليف فالعقاب بلا بيان في هذا المورد ليس بموجود.
فإذا لم يكن التنزيل عامّا بحيث يشمل كلا التنزيلين الآلي والاستقلالي فلا بدّ امّا يكون الدليل التنزيل باللحاظ الآلي فيثبت للدليل الظنّي جميع آثار القطع من الحجية والمنجزية والمعذرية ووجوب المشي على وفقه ؛ وامّا يكون الدليل التنزيل باللحاظ الاستقلالي فليس للدليل الظنّي كالامارة ، الحجية والمنجزية والمعذرية وهو يكون خليفة القطع الموضوعي حال كونه دخيلا في الموضوع