الدوران بين المحذورين ، والدليل لكلّ واحد منهما قد مضى.
قال المصنّف قدسسره : لا يخفى عليك أن حكم العقل بالتخيير بين الفعل والترك في صورة دوران الأمر بين المحذورين إنّما يكون ثابتا إذا لم يكن في أحد الطرفين احتمال الترجيح والمزية على التعيين.
وعليه : فإذا كان احتمال الترجيح فيه فلا يبعد دعوى استقلال العقل بتعيّن هذا الطرف الراجح كما يحكم مستقلّا في صورة دوران الأمر بين التعيين والتخيير بالأخذ بالطرف المتعيّن كما في المتزاحمين مثلا لا نقدر على إنقاذ الغريقين ، فالأمر يدور حينئذ بين إنقاذ أحدهما على التخيير وبين إنقاذ أحدهما على التعيين لاحتمال وجود الترجيح والمزية في أحدهما على التعيين ، مثل احتمال كونه عالما هاشميّا والآخر جاهلا أو عالما غير هاشمي مثلا ، ولا ريب في ان العقل يحكم بإنقاذ ذي المرجّح على التعيين ، كما لا يخفى.
وكذا إذا دار الأمر بين وجوب صلاة الجمعة في يومها عصر الغيبة ؛ وبين وجوب صلاة الظهر على التخيير أو وجوب صلاة الجمعة على التعيين لكونها ذات الترجيح والمزية مثل كونها أكثر ثوابا وأقوى مصلحة وأكمل مناطا ، فالعقل يحكم باختيارها معينا.
ولكن الترجيح في المقام انّما يكون لشدّة الطلب والبعث أو الزجر في أحد الطرفين بحيث لا يجوز الاخلال بذي الطلب الشديد في صورة المزاحمة ، كما في صورة دوران الأمر بين إنقاذ المؤمن ، وبين التصرّف في ملك الغير بغير إذنه إذا توقّف الإنقاذ على التصرّف المذكور.
ولا ريب في ان العقل يحكم بترجيح الانقاذ واختياره على التعيين في صورة المزاحمة أي مزاحمة التصرّف العدواني في ملك الغير مع الانقاذ للمسلم لشدّة طلبه وتأكّد بعثه بحيث لا يرضى الشارع المقدّس بتركه واخلاله أصلا ، فإذا كان الواجب