قوله : (يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَ)(١) جمهور الناس على أنّه خبر في معنى الأمر ، وقيل : هو خبر على بابه ، ولنا في هذين القولين بحث حسن أتقنّاه في «الدرّ» وفي «الأحكام» ولله الحمد. قوله : (أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ)(٢) أي تطلبون رضاعتهم. وقوله : (فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى)(٣) أي غير أمه. وقوله : (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ)(٤) أي منعناه أن يقبل ثدي إحداهنّ من قبل إتيان أمّه. جمع مرضعة أو مرضع ، والظاهر الثاني. وقوله : سقطت رواضعه ، يعني ثناياه ، سمّين بذلك لأنهنّ يعنّ الطفل على الرّضاع والرّاضعتان : الثّنيّتان. وفلان رضيع فلان ، أي رضيع معه : قال الأعشى (٥) : [من الطويل]
رضيعي لبان ثدي أمّ تحالفا |
|
بأسحم داج عوض لا نتفرّق |
ر ض و :
قوله تعالى : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)(٦) معنى رضى الله عن عبيده أن تراهم ممتثلين لأوامره ، منتهين عن زواجره ، ورضى العبيد عن الله أن يمتثلوا أوامره ، ويرضون بقضائه وقدره. هذا ما يليق بتفسير القرآن ، لا ما يخطر ببال من لم يعرف ما يجوز على الله وما يمتنع ، وكذلك محبة الله لهم ومحبتّهم له تعالى : (٧). والراضون أبلغ من الرّضيّ ، ولذلك اختصّ في التّنزيل بما يكون منه تبارك وتعالى. يقال : رضي يرضى رضوانا ، فهو راض ومرضيّ ومرضوّ. ومنه قوله : [من الرجز]
قالت له : ما أنت بالمرضيّ
__________________
ـ ورضّع : جمع راضع ، أي : خذ الرّمية مني واليوم يوم هلاك اللئام (النهاية : ٢ ٢٣٠). وهو ليس حديثا.
(١) ٢٣٣ البقرة : ٢.
(٢) تتمة الآية السابقة.
(٣) ٦ الطلاق : ٦٥.
(٤) ١٢ القصص : ٢٨.
(٥) وهم الناسخ فذكر البيت للنابغة ، والصواب ما ذكرنا (الديوان : ٢٢٥).
(٦) ١١٩ المائدة : ٥.
(٧) من الآية : «فسوف يأتي الله بقوم يحبّهم ويحبّونه» (٥٤ المائدة : ٥).