الدّعاء إلى الوليمة. وقال عليه الصلاة والسّلام للحالب : «دع داعي اللبن» (١) هذا مثل ، وذلك أنه أمر الذي يحلب أن يبقي في الضّرع قليل لبن ؛ فإنّه إذا أبقى فيه ذلك استدعى ذلك القليل بقية اللبن في الضّرع ، وإذا استقصاه كلّه أبطأ في درّه. فعبّر عنه صلىاللهعليهوسلم بهذه العبارة اللطيفة والاستعارة البديعة.
قوله : (يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ)(٢) أي سل. والدّعاء قد يعبّر به عن الحثّ على قصد الشيء ، وعليه قوله : [من الطويل]
دعاني إليها القلب أني أحبّها
وقوله : (لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا)(٣) أي رفعة وتنويه عكس من قال في حقّه : (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ)(٤) لما سأل ربّه وقال : (اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)(٥).
والدّعوة : بالكسر مختصة بادّعاء النّسب ، وهي الحالة التي عليها الإنسان من الدّعوى. والدّعوة : بالفتح بمعنى الدّعاء والسؤال. والدّعوة : بالضمّ الوليمة. والإّدعاء : أن يّدعي شيئا له. أو أنه من بني فلان كقوله (٦) : [من البسيط]
إنا بني نهشل لا ندّعي لأب |
|
عنه ولا هو بالأبناء يشرينا |
والادّعاء في الحرب : الاعتزاء إليه من ذلك ، ولذلك قيل : هو ابن الحرب ، لمن يلازمها. والدّعوة : الأذان ، ومنه قوله تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ)(٧) ؛ قالت عائشة : هم المؤذّنون. وفي الحديث : «الخلافة في قريش والحكم في الأنصار والدّعوة في الحبشة» (٨) أي الأذان لأجل بلال رضي الله عنه.
__________________
(١) النهاية : ٢ ١٢٠.
(٢) ١٣٤ الأعراف : ٧.
(٣) ٤٣ غافر : ٤٠.
(٤) ٧٨ الصافات : ٣٧.
(٥) ٨٤ الشعراء : ٢٦ ، والمقصود به إبراهيم عليهالسلام.
(٦) البيت لبشامة النهشلي (الحماسة : ١ ١٠٢) أو لنهشل النهشلي : الشعر والشعراء : ٥٣٣.
(٧) ٣٣ فصلت : ٤١.
(٨) النهاية : ٢ ١٢٢ ، ويقول الهروي : «وجعل الحكم في الأنصار لكثرة فقهائها».