ر ه ن :
قوله تعالى : (فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ)(١). أصل المادّة للدّلالة على الحبس ، ومنه (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ)(٢) أي محتبس بعمله ، (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)(٣) أي محبوسة ، والرّهن : محبوس على الدّين المرهون به. وقيل : أصله من الدّوام والثّبوت ، لأنّ الرهن ثابت ومقيم عند المرتهن ، ومنه : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) أي ثابتة مقيمة. ومنه الحال الرّاهنة أي الثابتة الموجودة. فرهينة ، يجوز أن تكون فعيلة بمعنى فاعل ، كما تقدّم تفسيره ، وأن يكون بمعنى مفعول : أي مقامة في جزاء ما قدّمت من عملها. وقرئ : فرهن (٤) على أنه جمع رهن ، نحو سقف وسقف ، وقيل : جمع رهان ورهون ، وقياسه في القلّة : أرهن كأفلس. وعن أبي عمرو أنّ الرّهان في الخيل ، ويقرأ : فرهن مقبوضة. وينبغي ألّا يصحّ عنه. وكأنّ الراغب نحا إلى قريب من ذلك لقوله : الرّهن ما وضع وثيقة للدّين ، والرّهان مثله ، ولكن خصّه بما يوضع في الخطار ، وأصلهما مصدر ؛ يقال : رهنت الرّهن وأرهنت في السّلعة ، قيل : غاليت بها ، وحقيقته أن يدفع سلعة تقدمة لثمنه ليجعلها رهينة لإتمام ثمنها (٥). قوله : (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) أي محتبس أو ثابت مقيم. وهو قريب من الأول ، ومثله قول الآخر (٦) : [من الوافر]
نأت بسعاد عنك نوى شطون |
|
فبانت ، والفؤاد بها رهين |
وقال الآخر (٧) : [من المتقارب]
فلما خشيت أظافيرهم |
|
نجوت وأرهنتهم مالكا |
__________________
(١) ٢٨٣ البقرة : ٢.
(٢) ٢١ الطور : ٥٢.
(٣) ٣٨ المدثر : ٧٤.
(٤) قرأها شهر بن حوشب وأبو عمرو وجماعة (مختصر الشواذ : ١٨). وقرأها مجاهد «فرهن» ـ بضمتين ـ (معاني القرآن للفراء : ١ ١٨٨).
(٥) إلى هنا كلام الراغب في المفردات : ٢٠٤.
(٦) مطلع قصيدة للنابغة (الديوان : ٢٥٦).
(٧) مطلع لقطعة من أربعة أبيات لعبد الله بن همام السّلولي ، كما في اللسان ـ مادة رهن.