قوله تعالى : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ)(١) أي أقرانهم المقتدين بهم في أفعالهم. وقيل : أشباههم وأشكالهم. وقوله : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها)(٢) أي الأصناف. وكذا (أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى)(٣)(أَوْ يُزَوِّجُهُمْ)(٤) أي يصنّفهم فيجعلهم أصنافا.
قوله : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ)(٥) تنبيه على أنّ الأشياء كلّها مركبة من جوهر وعرض ومادة وصورة. وألّا شيء من تركيب يقتضي كونه مصنوعا ، وأنّه لا بدّ له من صانع تنبيها (٦) أنه تعالى هو الفرد ، ونبّه به أيضا أنّ كلّ ما في العالم زوج من حيث أنّ له ضدّا ما ومثلا ما وتركيبا ما ، بل لا ينفكّ بوجه من تركيب ، فإنما ذكرنا هنا زوجين تنبيها أنه وإن لم يكن له ضدّ ولا مثل فإنه لا ينفكّ من تركيب صورة ومادة ، وذلك زوجان.
قوله : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً)(٧) أي فرقا متفاوتين ، وقد فسّرهم بقوله : (فَأَصْحابُ)(٨) ... الآية.
قوله : (أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ) أي أنواعا متشابهة أو أصنافا متفاوتة كما تقدم. قوله : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ)(٩) أي قرنت الأرواح بالأجساد ، وقيل : قرنت بأعمالها كقوله : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ)(١٠) الآية. وقيل : قرنت كلّ شيعة بما شايعته ، أي تابعته ، إما في الجنة وإما في النار ، والكلّ صحيح. وكلّ ما قرن
__________________
(١) ٢٢ الصافات : ٣٧.
(٢) ٣٦ يس : ٣٦.
(٣) ٥٣ طه : ٢٠.
(٤) ٥٠ الشورى : ٤٢.
(٥) ٤٩ الذاريات : ٥١.
(٦) في الأصل : منبهة.
(٧) ٧ الواقعة : ٥٦.
(٨) من الآيات بعدها.
(٩) ٧ التكوير : ٨١.
(١٠) ٣٠ آل عمران : ٣.