ونحو ذلك. واستعير ذلك في المعاني كقوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا) كني بذلك عن مجلسهم وكفرهم ، وإنّ من لم يبصرهم من عماهم ، ولم يهدهم من ضلالهم لا يسأل عمّا يفعل. وقيل : إنّ المشركين أرادوا به مكروها فمنعهم الله من ذلك. وفي معناه : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)(١). وقيل : السّدّ بالفتح : الجبل ، وبالضمّ غيره. قال الأسود (٢) : [من الكامل]
ومن الحوادث ، لا أبالك ، أنني |
|
ضربت عليّ الأرض بالأسداد |
قوله تعالى : (وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)(٣) أي مستقيما من السّداد ، وهو ما يسدّ به من الخلل. وكّل ما سددته من ثلمة ونحوها فهو مسدود ، وما كان من المعاني والأقوال فهو مفتوح. وأنشد للعرجيّ (٤) : [من الوافر]
أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا |
|
ليوم كريهة وسداد ثغر |
وقد جاء الكسر في موضع الفتح. ومنه الحديث : «حتى رضيت سدادا من العيش» كذا رواه الهرويّ (٥) ، ثم قال : وكل ما سددت به خللا فهو سداد ، وبه سمي سداد الثغر ، وسداد القارورة. ولم يذكر الفتح البتّة في المعنيين المذكورين ، بل ذكره وجعله بمعنى الوفق ؛ قال : والوفق : المقدار ، وجعل من ذلك حديث أبي بكر حين سئل عليه الصلاة والسّلام عن الإزار فقال : «سدّد وقارب» (٦). قال : قال شمر : سدّد ، من السّداد وهو الوفق الذي لا يعاب. ويعبّر بالسّدّ عن الباب ، وجمعها سدد ؛ وفي الحديث : «تفتح لهم السّدد» (٧). وقيل : هي الستور مرخاة على الأبواب.
__________________
(١) ٦٧ المائدة : ٥.
(٢) العجز مذكور في اللسان ـ مادة سدد ، من غير عزو.
(٣) ٩ النساء : ٤.
(٤) من الأصوات التي ذكرها أبو الفرج في الأغاني : ١ ٤١٣.
(٥) وروايته في النهاية : ٢ ٣٥٣ : «حتى يصيب سدادا من العيش» من حديث السؤال.
(٦) النهاية : ٢ ٣٥٢. وقد جعله الزمخشري من حديث النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأن أبا بكر سأله.
(٧) من حديث واردي الحوض كما في النهاية : ٢ ٣٥٣.