وقيل : «سرعان ذا إهالة» (١). فسرعان : اسم فعل بمعنى سرع كوشكان من وشك وبطآن ، وذا إشارة إلى شاة ، والإهالة : الشحم. وأصله أنّ رجلا اشترى شاة عجفاء ، فأتى بها أمّه ولعابها يسيل من شدقيها ، فقال : هذا شحمها. فقالت : سرعان ذا إهالة. وإهالة نصب على التمييز. وفي الحديث : «أنّ أحد ابنيه بال عليه فرأى بوله أساريع» (٢) أي طرائق. والأساريع أيضا : دود أبيض. قال امرؤ القيس (٣) : [من الطويل]
وتعطو برخص غير شثن كأنّه |
|
أساريع ظبي أو مساويك إسحل |
وفي حديث آخر : «فأخذ بهم بين سروعتين» (٤). السّروعة : الرابية من الرمل ، والزّروحة كذلك. وقد يكون من غير الرمل أيضا.
س ر ف :
قوله تعالى : (وَلا تُسْرِفُوا)(٥). الإسراف : تجاوز الحدّ في سائر الأفعال ، إلا أنه غلب في الإنفاق. ويقال باعتبارين : باعتبار القدر ، وباعتبار الكيفيّة. ومنه قول سفيان : «ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سرف وإن كان قليلا» (٦). وقال إياس بن معاوية : «الإسراف : ما قصّر به عن حقّ الله تعالى» (٧). وهو ضدّ القصد. ويقال : فلان مسرف وفلان مقتصد. قوله تعالى : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ)(٨) ، يتناول الإسراف في الإنفاق وفي سائر الأعمال. قوله تعالى : (فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ)(٩) ؛ نهى عما كانت الجاهلية تفعله من قتل غير القاتل ، بأن لا يرضى إلا بقتل من هو أشرف منه ، أو بقتل عدد كثير مكان الواحد.
وقيل : سرفه فيه أن يعدل عن طريق القصاص بأن يستحقّ حزّ رقبته فيعدل إلى ما هو
__________________
(١) مثل ذكره اللسان ـ مادة سرع ، وذكر قصته.
(٢) النهاية : ٢ ٣٦١ ، وفيه ذكر الحسن والحسين رضي الله عنهما.
(٣) البيت من معلقته ، الديوان : ٣٥. شنن : جاف ، غليظ. ظبي : اسم لكثيب.
(٤) من حديث الحديبية النهاية : ٢ ٣٦١.
(٥) ١٤١ الأنعام : ٦ ، وغيرها.
(٦) المفردات : ٢٣٠. ورواه ابن منظور فقال : قال سفيان : الإسراف كل ما أنفق في غير طاعة الله.
(٧) من كلام إياس بن معاوية قاضي البصرة الشهير بالفطنة حتى قيل : أزكن من إياس.
(٨) ٥٣ الزمر : ٣٩.
(٩) ٣٣ الإسراء : ١٧.