تصوّروا منه أنه يبتلع سالكيه ، أو أنهم يبتلعونه. ومنه سمي (١) لقما وملتقما إما لأنّه يلتقم سالكه ، أو يلتقمه سالكه. ومن ثمّ قالوا : قتل أرضا عالمها ، وقتلت أرض جاهلها. ونظر أبو تمام للمعنيين فقال (٢) : [من الطويل]
رعته الفيافي بعد ما كان حقبة |
|
رعاها وماء المزن ينهلّ ساكبه |
ويجمع على سرط في الكثرة ، وأسرطة في القلّة ، نحو : قذال وقذل وأقذلة ، ويذكّر ويؤنّث كالسبيل. قيل : فعلى التأنيث يجمع على أسرط ، وعلى التذكير على أسرطة (٣).
وتبديل سينه صادا لأجل الطاء ، وإن فصلت ، وزايا لمقاربتها وبين الصاد والزاي. وقد قرئ بجميع ذلك ، ولم يرسم إلا بالصّاد ، وهو أول دليل على أن القراء إنما كانوا يأخذون القرآن من أفواه مشائخهم لا من المصحف كما يزعم بعض من لا تحصيل عنده.
س ر ع :
قوله تعالى : (وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ)(٤). السرعة في الأصل ضدّ البطء قال : [من البسيط]
منّا الأناة وبعض القوم يحسبنا |
|
أنّا بطاء وفي إبطائنا سرع |
ويستعمل ذلك في الأجسام والأفعال. يقال : سرع فهو سريع ، وأسرع فهو مسرع. وسرعان القوم : أوائلهم ؛ ومنه : وخرجت السّرعان (٥). فمعنى سرعة حسابه تعالى أنه لا يشغله حساب زيد عن حساب عمرو مثلا ، إذ لا يشغله شأن عن شأن ، فهو أسرع الحاسبين. وقيل : هو عبارة عن وقوعه لا محالة. وقيل : عن قرب وقته تنبيه على معنى قوله تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(٦). ومثله قوله : (سَرِيعُ الْحِسابِ).
__________________
(١) أي : سمي الطريق.
(٢) الديوان : ١ ٢٣٠. وفي الديوان : وماء الروض. وفي المفردات : إذا ما.
(٣) وكلمة صراط يونانية الأصل.
(٤) ٢٠٢ البقرة : ٢ ، وغيرها.
(٥) سرعان الناس : أوائلهم الذين يتسارعون إلى الشيء. من حديث سهو الصلاة : «فخرج سرعان الناس» أو من حديث يوم حنين : «فخرج سرعان الناس واخفّاؤهم» (النهاية : ٢ ٣٦١).
(٦) ٨٢ يس : ٣٦.