والسّرّيّة فعليّة : من السّرّ ، وهو الجماع. وقيل : فعيلة (١) ، من تسرّيت. وأصله تسرّرت : تفعّلت ، من السّرّ. ثم أبدل أحد الأمثال حرف علة ، ليس هذا موضع تحريره. والسّرار : اليوم الذي يستتر (٢) فيه القمر آخر الشهر. وفي الحديث : «هل صمت من سرار هذا الشهر شيئا؟» (٣) أي من آخره. قال الهرويّ : وسرر الشهر مثله. قال يعقوب : سرار الشهر بالفتح والكسر. قال الفراء : الفتح أجود. والسّرار : الخيار أيضا. وفي حديث ظبيان بن كداد حين وفد عليه عليه الصلاة والسّلام : «نحن من سرارة مذحج» (٤). وفي الحديث : «صوموا الشّهر وسرّه» (٥). قيل : عنى مستهلّه. قال الأوزاعيّ : سرّه أوّله ، وفيه ثلاث لغات : سرّه وسرره وسراره. قلت : وتقدّم أنّ في السّرار لغتين ، فتكون أربعة ، إلا أنّ الأزهريّ أنكر السرّ بهذا المعنى ، وقال : لا أعرف السرّ بهذا المعنى ، إنّما يقال : سرار الشهر وسراره وسرره. وقيل : أراد بسرّه وسطه ، وسرّ الشيء جوفه. ومنه : قناة سرّاء : إذا كانت جوفاء. قال : وعلى هذا فالمراد الأيام البيض. ورأيت الهرويّ قال : أراد الأيام البيض ، انتهى. وفيه ردّ على من يردّ على الفقهاء قولهم : وصوم الأيام البيض أي الليالي البيض لا بيضاضها بالقمر من أولها إلى آخرها ؛ فإنه دجل كبير من أهل هذا الشأن. وتسمية الأيام البيض بالبيض من جهة المعنى ظاهر ، فالغالط من غلّطهم.
س ر ط :
قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)(٦) هو الطريق المسلوك ، واستعير للدّين والاعتقادات. والمراد به هنا دين الإسلام ، لأنه دين المنعم عليهم وقال بعضهم : هو الطريق المستسهل. واشتقاقه من سرط الطعام واسترطه أي ابتلعه ، فسمي الطريق سراطا إمّا لأنهم
__________________
(١) وفي اللسان : فعّولة من السّرو ، وقلبت الواو الأخيرة ياء طلب الخفّة ، ثم أدغمت الواو فيها فصارت ياء مثلها ، ثم حولت الضمة كسرة لمجاورة الياء. وقد : تسرّرت وتسرّيت ؛ على تحويل التضعيف.
(٢) وفي الأصل : يستسر.
(٣) النهاية : ٢ ٣٥٩.
(٤) النهاية : ٢ ٣٦٠.
(٥) النهاية : ٢ ٣٥٩.
(٦) ٦ الفاتحة : ١.