تطلعونهم (١) على ما تسرّون من مودّتهم. وقد فسّر بأنّ معناه تظهرون. قال الراغب (٢) : وهذا صحيح فإن الإسرار إلى الغير يقتضي إظهار ذلك لمن يفضى إليه بالسرّ ، وإن كان يقتضي إخفاءه عن غيره. فإذا قولهم : أسررت إلى فلان يقتضي من وجه الإخفاء. قلت وحينئذ فقوله تعالى : (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ) محتمل لما قاله أبو عبيدة ، فلا معنى لإنكاره عليه.
قوله : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ)(٣) جمع سريرة ، وهي أعمال العباد التي يسرّونها. قال الشاعر (٤) : [من الطويل]
سيبقى لها في مضمر الودّ والحشا |
|
سرائر حبّ يوم تبلى السّرائر |
ولما سمع الحسن هذا البيت قال : قاتله الله إنّ في ذلك اليوم لشغلا. قوله تعالى : (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا)(٥). قيل : السرّ : النكاح ، كنّي به عنه من حيث إنه يخفى. واستعير السرّ للخالص ؛ فقيل : هو في سرّ الوادي ، وفي سرّ قومه. وسرّة البطن : ما يبقى ؛ سميت بذلك لاستتارها بعكن (٦) البطن. والسّرر والسّرر والسّرّ : ما قطع منه. وفي الحديث : «إنّ السّقط يجترّهما ـ يعني والديه ـ بسرره حتى يدخلهما الجنة» (٧). وفي الحديث : «تبرق اسارير وجهه» (٨) واسره وجهه وهى الغضون والتكسر الذى فى جبهته ذلك لما فيها من الاستتار ؛ الواحد سرر وسرّ ، وجمعه أسرار (٩) ، وجمع هذا الجمع أسارير. وعن أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه ، وقد وصفه صلىاللهعليهوسلم : «وكأنّ ماء الذهب يجري في صفحة خدّه ورونق الجلال يطّرد في أسرّة جبينه» (١٠).
__________________
(١) في الأصل : يطلعون ، ولعلها كما ذكرنا.
(٢) المفردات : ٢٢٨.
(٣) ٩ الطارق : ٨٦.
(٤) البيت للأحوص من قطعة مذكورة في اللسان ـ مادة ضمر. وفيه : سريرة ودّ يوم ...
(٥) ٢٣٥ البقرة : ٢.
(٦) العكنة. ما انطوى وتثنى من لحم البطن ، وجمعها عكن.
(٧) النهاية : ٢ ٣٦٠.
(٨) النهاية : ٢ ٣٥٩.
(٩) وجمعه كذلك أسرّة.
(١٠) النهاية : ٢ ٣٥٩.