قوله تعالى : (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً)(١). السّكر : خمر الأعاجم في قول ابن عرفة. وقال : إنها نزلت قبل تحريم الخمر. فالسّكر فعل بمعنى مفعول : اسم لما يسكر به كالقبض والنّقض. وروى أحمد بن حنبل : «حرّمت الخمرة لعينها ، والسّكر من كلّ شراب» (٢) كذا رواه هو ، والإثبات بفتحتين. أبو عبيدة : السّكر : الطعام. قال الأزهريّ : أنكره أهل اللغة ، لأن العرب لا تعرفه. ابن عباس : السّكر : ما حرم من ثمره قبل أن يحرّم من الأعناب والتّمور.
وسكرات الموت : شدائده لما يلحق صاحبها من الغشي وغيبوبة العقل ، وعليه : (وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ)(٣). وقوله : (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى)(٤) أي داهشين مختلطي العقول لشدّة الهول. (وَما هُمْ بِسُكارى) السّكر الذي يعرفونه. وهو ما يلحق السّكران لشدة الطرب وتزايد السرور. وقرئ : «سكارى» و «سكرى» (٥).
س ك ن :
قوله تعالى : (لِتَسْكُنُوا إِلَيْها)(٦) أي تستريحون من التعب ، لأنّ السكون ضدّ الحركة. والحركة : مظنة التّعب لأنّ فيها انتقالات بالأعضاء وأعمالا بالجوارح ، والنهار ظرف ذلك ، والليل ظرف الراحة وبها السكون ؛ فإنه ثبوت الشيء بعد حركة أو ثبوته من غير نظر إلى حركة سابقة ، واستعمل في الاستيطان.
سكن فلان بلد كذا أي استوطنها ، وذلك المكان مسكن ـ بفتح الكاف ـ وهو القياس ، وبكسرها ، وقد قرئ بهما قوله تعالى : (فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ)(٧) فيقال : سكنت البلد ، وأسكنتك إياه. ومنه قوله تعالى : (وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)(٨) أي اتّخذاها
__________________
(١) ٦٧ النحل : ١٦.
(٢) النهاية : ٢ ٣٨٣ ، وفيه روايات أخر.
(٣) ١٩ ق : ٥٠.
(٤) ٢ الحج : ٢٢.
(٥) «سكارى» بفتح السين قراءة أبي نهيك وعيسى. و «سكرى» قراءة سعيد بن جبير (مختصر الشواذ : ٩٤).
(٦) ٢١ الروم : ٣٠.
(٧) ١٥ سبأ : ٣٤.
(٨) ١٩ الأعراف : ٧.