والمراد به الباري تعالى ، أي طرق الله وهي دينه وشرائعه ؛ كقوله تعالى : (فِي سَبِيلِ اللهِ)(١). ومن ورود السّلام اسما لله تعالى قول لبيد (٢) : [من الطويل]
إلى الحول ثمّ [اسم] السّلام عليكما |
|
ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر |
وإنما وصف تعالى نفسه بذلك لسلامته من الآفات والنقائص والعيوب التي تلحق الخلق. قوله تعالى : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ)(٣). وقوله : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ)(٤) فهذا كلّه يكون بالقول من الملائكة ومن الناس ، ومن الله تعالى بالفعل وهو إعطاؤه أهل الجنة السلامة من الآفات والمنغّصات.
قوله تعالى : (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً)(٥) أي سدادا من القول. والمعنى : قالوا قولا ذا سداد ؛ فهو مصدر. وقيل : معناه : نطلب منكم السلامة ، فنصبه بفعل مضمر. وقيل : معناه : قالوا قولا ذا سلامة ؛ فهو مصدر أيضا. قوله تعالى : (قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ)(٦) فهذا هو التحية. ثم يحتمل أن يكون هذا هو اللفظ بعينه هو القول والمحكيّ ، أو أن يكون : قيل بمعناه ، وحكي على المعنى لا على اللفظ ، لأن لغته كانت عربية ، وإنما رفع الخليل «سلام» لأنه أبلغ من النّصب لما قرّره أهل العلم ، كما بينته في غير هذا. وكأنه امتثل قوله : (فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها)(٧).
قوله تعالى : (إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً)(٨). قال الراغب (٩) : هذا لا يكون بالقول فقط ، بل ذلك بالقول والفعل جميعا. قوله تعالى : (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ)(١٠) هذا في الظاهر
__________________
(١) ١٥٤ البقرة : ٢ ، وغيرها.
(٢) الديوان : ٢١٤. قال بعضهم : السّلام هو الله. وفي الديوان أقحم لفظ (اسم) بعد (ثم) ، ويقول الشارح : هذا البيت شاهد على إقحام لفظة اسم ، وله عند بعضهم تخريجات ولم يذكرها المؤلف.
(٣) ٥٨ يس : ٣٦.
(٤) ٢٤ الرعد : ١٣.
(٥) ٦٣ الفرقان : ٢٥.
(٦) ٦٩ هود : ١١.
(٧) ٨٦ النساء : ٤.
(٨) ٢٦ الواقعة : ٥٦.
(٩) المفردات : ٢٤٠.
(١٠) ٨٩ الزخرف : ٤٣.