من سامع ، وقيل : من مسمع ، ولذلك عدّي في قولهم : إنّ الله سميع دعاؤه. وقوله (١) : [من الوافر]
أمن ريحانة الدّاعي السميع |
|
يؤرّقني وأصحابي هجوع |
وقوله : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا)(٢) أي لأفهمهم. وجعل لهم قوة يفهمون بها. وقيل : معناه يوفّقهم توفيق من ينتفع بسمعه. وقولهم : أسمع الله فلانا ، يحتمل الدعاء للإنسان والدّعاء عليه. فمن الأول : أسمعه أي لا أزال سمعه. ومن الثاني أسمعه أي أزال سمعه. فالهمزة للسّلب. ويقال : أسمعت فلانا أي سببته. فالإسماع متعارف في السبّ. وإذا وصف تعالى نفسه بالسّمع فالمراد علمه بالمسموعات ، وإحاطته بها ، وتحرّيه للمجازاة بها.
قوله : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى)(٣) أي لا تفهم هؤلاء الجهلة لأنّهم كالموتى في عدم الانتفاع بأسماعهم. وقوله : (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍ)(٤) معناه أنّ من ١٦٥ وقف على عجائب حكمته وبدائع صنعته يتعجب من ذلك. والله تعالى لا يوصف إلا بما ورد به السمع. وقوله : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا)(٥) معناه أنهم يسمعون ذلك اليوم ما كانوا عنه صمّا وعميا. كقوله : (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)(٦). قوله : (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ)(٧) أي يسمعون منك لأجل أن يكذبوا (سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ)(٨). أي يسمعون لمكانهم. قوله : (أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ)(٩) أي من الموجد لأسماعهم وأبصارهم والمتولّي لحفظها.
__________________
(١) البيت لعمرو بن معديكرب. وهو من شواهد ابن يعيش في شرح المفصل : ٦ ٧٣. واللسان (مادة سمع).
(٢) ٢٣ الأنفال : ٨.
(٣) ٨٠ النمل : ٢٧.
(٤) ٢٦ الكهف : ١٨.
(٥) ٣٨ مريم : ١٩.
(٦) ٢٢ ق : ٥٠.
(٧) ٤١ المائدة : ٥. وغيرها.
(٨) تابع الآية السابقة.
(٩) ٣١ يونس : ١٠.