والقصد له. حكى الفراء عنهم : استوى إليّ يخاصمني ، أي أقبل عليّ. قال : وحدّثني داود بن عليّ الإصبهانيّ قال : كنت عند ابن الأعرابيّ فأتاه رجل فقال : ما معنى قوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)(١)؟ فقال : هو على عرشه كما أخبر. فقال الرجل : إنما معناه : استولى. فقال : ما يدريك؟ العرب لا تقول : استولى على الشيء حتى يكون مصادفا بهما غلب فقد استولى. أما سمعت قول النابغة (٢) : [من البسيط]
إلّا لمثلك أو من أنت سابقه |
|
سبق الجواد قد استولى على الأمد |
وقد سئل مالك بن أنس عن الاستواء فقال : الكيف غير معقول ، والاستواء غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة.
قوله تعالى : (إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ)(٣) أي نعدلكم به ، فنجعلكم سواء في العبادة. وهذا سيّان ، أي مثلان. واستغني بتثنية سيّ عن تثنية سواء غالبا. وسمع سواءان ؛ قال الشاعر (٤) : [من البسيط]
من يفعل الحسنات الله يشكرها |
|
والشّرّ بالشّرّ عند الله سيّان |
قوله : (صِراطاً سَوِيًّا)(٥) أي مستويا مستقيما. قوله تعالى : (سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ)(٦) أي عدل ذات استواء. ولنا في مسألة الاستواء كلام أتقنّاه مع المبتدعة في «القول الوجيز».
__________________
(١) ٥ طه : ٧٠.
(٢) الديوان : ١٤.
(٣) ٩٨ الشعراء : ٢٦.
(٤) البيت لحسان : ٢ ٥١٦ ، وفيه : مثلان. ومن شواهد المغني واللسان (مادة ـ بجل) لابنه عبد الرحمن.
(٥) ٤٣ مريم : ١٩.
(٦) ٦٤ آل عمران : ٣.