وعلى النار قال تعالى : (دارَ الْبَوارِ)(١) أي الجحيم بدليل إبداله منها : (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها)(٢). وقوله : (سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ)(٣) قيل : النار.
قوله : (لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً)(٤) أي من يدور ويمشي وهو فيعال ، وأصله ديوار فأعلّ ، ولا يجوز أن يكون فعّالا لأنّه كان يجب أن يقال : دوّار كقوّال. وقد تقدّم نحو هذا مبينا. قوله : (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ)(٥) أي جعل السّوء عليهم بمنزلة الدارة المحيطة فلا انفكاك لهم منها. ويعبّر بالدائرة عن الحادثة الفادحة ؛ قال تعالى : (وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ)(٦) أي ينتظر أن تقع بكم المصائب. والدّوّاريّ : الدهر لأنه يدور بالإنسان أي (٧) يتصرّف فيه بحوادثه. وهو نسب شاذّ لأنه من نسبة الشيء إلى صفته كأحمريّ (٨) قال (٩) : [من الرجز]
أطربا وأنت قنّسريّ |
|
والدّهر بالإنسان دوّاريّ |
والدّوّار (١٠) : صنم ، لأنهم كانوا يدورون به. غلبت الدورة والدائرة في المكروه ، كما غلبت الدولة في المحبوب.
والداريّ : العطار نسبة للدار ، وغلب عليه ذلك. وقيل : نسبة لدارين ؛ موضع بالبحرين يجلب منه الطيب. فقيل : أكلّ عطار داريّ وإن لم يكن من دارين؟
والدّاريّ أيضا : من لزم داره ولم يركب الأسفار. وقوله عليه الصلاة والسّلام : «إنّ الزمان قد استدار» (١١) أي تحوّل من حكم الشيء إلى حاله الأول تشبيها بدوران الدائر.
__________________
(١) ٢٨ إبراهيم : ١٤.
(٢) من الآية بعدها.
(٣) ١٤٥ الأعراف : ٧.
(٤) ٢٦ نوح : ٧١.
(٥) ٩٨ التوبة : ٩.
(٦) تابع الآية السابقة.
(٧) وفي الأصل : أن ، ولعلها كما ذكرنا.
(٨) وكذلك : كرسيّ وبختيّ (اللسان ـ مادة دور).
(٩) الرجز للعجاج (الديوان : ١ ٤٨٠). القنسري : المسنّ الكبير القديم. والدواري : الدائر.
(١٠) وتفتح داله ، كذا قال الأزهري في اللسان.
(١١) النهاية : ٢ ١٣٩.