أشمتّ بي الأعداء حين هجرتني |
|
والموت دون شماتة الأعداء |
وقيل في قوله تعالى (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ)(١) هو شماتة الأعداء. ولذلك كان من دعائه صلىاللهعليهوسلم : «ولا تطع فيّ عدوّا شامتا» (٢) أي لا تفعل فيّ ما يحبّ. يقال : شمت به يشمت فهو شامت. والتّشميت : الدّعاء للعاطس ، كأنه دعاء له بإزالة الشماتة ، فهو كالتّمريض والتّقذية في إزالة المرض والقذى. قيل : وأصله من الشّوامت ، وهي القوائم. قال النابغة الذبيانيّ (٣) : [من البسيط]
طوع الشوامت
والمعنى أنّ قوائم الفرس تنقلب فشلا وكسلا وعدوا ووقوفا (٤). فالشماتة كذلك لأنها تقلب قلب الحاسد في حالتيه : فرحه وحزنه. ونقل في تشميت العاطس الإعجام والإهمال ؛ فبالشين على ما قدمته من الدعاء بإزالة ما يصيبه من الشماتة. وقيل : دعاء له بتثبيت شوامته ، وهي قوائمه لما يحصل له من الانزعاج. وبالمهملة معناه الدعاء له بعوده إلى سمته ، أي إلى حالته الأولى ، وقصده الأول. قال أبو عبيد : شمّتّ العاطس وسمّتّه : دعوت له ، بالسين والشين. والشين يعني المعجمة أعلى اللغتينّ (٥) ، وعكس ذلك أبو بكر فقال : شمّتّ فلانا ، وسمّتّ عليه : إذا دعوت له بالخير. وكلّ داع بخير مسمّت ومشّمّت. قال ثعلب : الأصل فيهما السّين من السّمت ، وهو القصد والهدي. وفي حديث فاطمة وعليّ : «أنه عليه الصلاة والسّلام دعا لهما وشمّت عليهما» (٦).
__________________
(١) ٢٨٦ البقرة : ٢.
(٢) النهاية : ٢ ٤٩٩.
(٣) وتمام البيت كما في الديوان : ٨ :
فارتاع من صوت كلّاب فبات له |
|
طوع الشوامت من خوف ومن صرد |
الشوامت : القوائم. واحدتها شامتة. الصرد : الريح الباردة.
(٤) ويقول الراغب في هذا الشاهد : «أراد بالشوامت القوائم وفي ذلك نظر إذ لا حجة له في هذا البيت» (المفردات : ٢٦٧).
(٥) يعني بأعلى اللغتين : أفشى في كلامهم وأشهر.
(٦) هو من حديث زواج فاطمة رضي الله عنها (التهذيب : ٢ ٥٠٠).