آيات الله لا يكسفان لموت أحد» وفي ذلك لمّا مات ولده إبراهيم عليه الصلاة والسّلام كسفت الشمس ، فقالوا : كسفت لموته. فقال عليه الصلاة والسّلام ذلك.
ش م ل :
قوله تعالى : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ)(١). الشّمال : هي اليد اليسرى المقابلة لليمين. والعرب تتشاءم بجهتها ويسمونها الشّؤمى ، ولذلك قال تعالى : (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ)(٢) عكس أهل السعادة الذين قال فيهم : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ)(٣). ولذلك عبّر بها عن القوة والتمكّن. ومنه قوله تعالى : (إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ)(٤) أي عن القوة والقهر. قول تعالى : (يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ)(٥) الشّمائل جمع شمال ، وإنما أفرد اليمين وجمع الشّمال لأنّ هبوب الريح من جهتها أكثر ، فتمايل الظلّ منه. والمراد به السجود أكثر.
ومن ملح كلام أمير المؤمنين علي رضي الله عنه : «إنّ أبا هذا ـ يعني الأشعث بن قيس ـ كان ينسج الشّمال باليمين» (٦). قلت : الشّمال جمع شملة نحو جفنة وجفان. وفي الحديث : «نهى عن اشتمال الصّمّاء» (٧) فسّره الأصمعيّ بأن يشتمل ثوبا حتى يجلّل به جسده ، لا يرفع منه جانبا فيكون فيه فرجة تخرج منها (٨) يد. وقال أبو عبيد : وأما الفقهاء فيفسّرونها بأن يشتمل ثوبا واحدا ليس عليه غيره ، ثم يرفعه من أحد جانبيه ، فيضعه على منكبه. قال الهرويّ : من فسّره بهذا كرهت به إلى كراهة التكشّف وإبداء العورة. ومن فسّره تفسير أهل اللغة فإنه كره أن يتزمّل به شاملا جسده ، مخافة أن يدفع منها إلى حالة تسدّ نفسه فيهلك. وأحسن من هذا ما قاله بعضهم إنها سميت اشتمال الصّماء ، لأنّ الرجل يلتفّ
__________________
(١) ١٧ ق : ٥٠.
(٢) ٢٥ الحاقة : ٦٩.
(٣) ١٩ الحاقة : ٦٩.
(٤) ٢٨ الصافات : ٣٧.
(٥) ٤٨ النحل : ١٦.
(٦) النهاية : ٢ ٥٠٢. ويقول ابن الأثير إن للحديث رواية أخرى هي «الشمال بيمينه».
(٧) النهاية : ٢ ٥٠١.
(٨) في الأصل : منه ، والتصويب من السياق ومن اللسان ـ مادة شمل.