يكتفى منه أيضا بقوله : شهدت ، أو أنا شاهد بكذا. بل لا بدّ من قوله : أشهد ، بلفظ المضارع. والثاني جار مجرى القسم ؛ فيقال : أشهد أنّ زيدا منطلق. وعليه قوله : (أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ) الآية (١). ويجري العلم في ذلك مجراه ، فيجاب بما يجاب به القسم ، كقول الشاعر (٢) : [من الكامل]
ولقد علمت لتأتينّ منيّتي |
|
إنّ المنايا لا تطيش سهامها |
وقال بعضهم : إذا قال : شهدت ، ولم يقل : بالله أنه يكون قسما. وشهدت كذا : حضرته. وشهدت على كذا : أقمت عليه شهادتي. ومنه قوله تعالى : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ)(٣) ، (شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ)(٤). وقد يعبّر بالشهادة عن الحكم نحو قوله : (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها)(٥) في أحد القولين. وقد يعبّر بها عن الإقرار بالشهادة كقوله تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ) الآية (٦). وقوله : (شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ)(٧)(وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ)(٨) أي أقرّوا. وقد يعبّر بها عن البيان. ومنه عند بعضهم : مبيّنين لدينه ، لأنّ الشاهد يبين ما يشهد به وعليه. وقيل : يتبين بشهادته ما يوجب حكم الحاكم.
وقوله تعالى : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ)(٩) يحتمل أن يراد بذلك الإعلام ، أي أعلم الله. وأن يراد البيان أي يبيّن. وأن يراد الحكم أي حكم بذلك. وقال بعضهم : أنّ «شهد» هنا قد استعمل في معان مختلفة ؛ فإمّا أن يكون ذلك من باب الاشتراك أو الحقيقة
__________________
(١) ٨ النور : ٢٤.
(٢) البيت للشاعر لبيد. وهو من شواهد سيبويه : ٣ ١١٠. ومن شواهد مغني اللبيب من غير عزو : ٤٠١. على أنه في الديوان (ص ٣٠٨) يختلف صدره ، يقول الديوان :
صادفن منها غرّة فأصبنها
(٣) ٢٤ النور : ٢٤.
(٤) ٢٠ فصلت : ٤١.
(٥) ٢٦ يوسف : ١٢.
(٦) ٦ النور : ٢٤.
(٧) ١٧ التوبة : ٩.
(٨) ٣٧ الأعراف : ٧.
(٩) ١٨ آل عمران : ٣.