القيامة. والشاهد : كلّ من يشهد. قوله : (وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ)(١) تنبيه أنّه لا بدّ من وقوعه. وقيل : لأنّه يشهده أهل السماء والأرض. وقد روي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم منصوصا ما فسّره به أمير المؤمنين : روى الهرويّ بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «سيد الأيام يوم الجمعة هو شاهد ، ومشهود يوم عرفة». وقيل : الشاهد : نبيّنا محمد صلىاللهعليهوسلم ويؤيده قوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً)(٢) أي شاهدا على أمّتك بالإبلاغ ولمن آمن بالتصديق. وقيل : معناه : مبينا ؛ فإن الشهادة بيان كما سيأتي.
قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ)(٣) يعني الملائكة. وقيل : الأنبياء والمؤمنون يشهدون على المكذّبين بمحمد صلىاللهعليهوسلم. وهو جمع شاهد نحو صاحب وأصحاب ، وناصر وأنصار. قوله : (شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ)(٤) أي كلّ فرقة تنسب إلى دين اليهود والنّصارى والمجوس سوى مشركي العرب ؛ فإنّهم كانوا يمتنعون من هذا الاسم. فجعل قبولهم لذلك شهادة على أنفسهم بالكفر. وقيل : لأنّهم كانوا يقولون في تلبيتهم (٥) : [من الرجز]
ألا شريك لك ألا شريك لك |
|
هو لك تملكه وما ملك |
قوله : (وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً)(٦) أي اخترنا منهم نبيا ، وكلّ نبيّ شاهد على قومه. ثم «شهدت» يقال على ضربين : أحدهما جار مجرى العلم وبلفظه تقام الشهادة. فيقول الشاهد : أشهد بكذا ، ولا يكتفى بقوله : أعلم ، بل لا بدّ من لفظه بالشهادة. ولا
__________________
(١) ١٠٣ هود : ١١.
(٢) ٤٥ الأحزاب : ٣٣ ، وغيرها.
(٣) ٥١ غافر : ٤٠.
(٤) ١٧ التوبة : ٩.
(٥) اختلفت رواية التلبية في كتاب الأصنام (ص ٧). يقول هشام الكلبي : فكانت نزار تقول إذا ما أهلّت :
لبّيك اللهمّ لبّيك |
|
لبّيك لا شريك لك |
إلا شريك هو لك |
|
تملكه وما ملك |
ولعل الناسخ وهم في النقل وتصرّف.
(٦) ٢٥ القصص : ٢٨.