المجرد أولى والشهادة مع الشهادة (١). وقد يقال للمحضر : مشهد ، وللمرأة بحضرة زوجها : مشهد. وجمع المشهد مشاهد ، ومنه مشاهد الحجّ ، قال تعالى : (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ)(٢) فمشاهده مواطنه الشريفة التي تحضرها الملائكة والأبرار من الناس. وقيل : هي مواضع المناسك.
قوله تعالى : (ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ)(٣) أي ما حضرنا. قوله : (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ)(٤) أي لا يحضرونه بنفوسهم ولا بهمّهم وإرادتهم. والشهادة : قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصر أو بصيرة. ومنه قوله عليه الصلاة والسّلام : «إن رأيت الشمس طالعة على مثل هذا فاشهد» ثم اتسع في ذلك فجازت في مواضع بغلبة الظنّ ، بيانها في كتب الفقه.
قوله تعالى : (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ)(٥) أي بمشاهدة البصيرة ، وقوله بعد ذلك : (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ)(٦) تنبيه أنّ الشهادة تكون عن شهود. قوله : (لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ)(٧) أي تعلمون. قوله تعالى : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٨) أي ما جعلتهم ممّن اطّلعوا ببصيرتهم على خلقها. قوله : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) أي ما يغيب عن حواسّ الناس وبصائرهم وما يشاهدونه بها.
قوله تعالى : (وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)(٩) قال عليّ كرم الله وجهه : «الشاهد : يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة» (١٠) وقيل : المشهود : يوم الجمعة. وقيل : يوم عرفة. وقيل : يوم
__________________
(١) يعني : وهذه أولى أيضا.
(٢) ٢٨ الحج : ٢٢.
(٣) ٤٩ النمل : ٢٧.
(٤) ٧٢ الفرقان : ٧٥.
(٥) ١٩ الزخرف : ٤٣.
(٦) تتمة الآية.
(٧) ٧٠ آل عمران : ٣.
(٨) ٥١ الكهف : ١٨.
(٩) ٣ البروج : ٨٥.
(١٠) جاء ذلك شرحا للحديث : «سيد الأيام يوم الجمعة ، هو شاهد» (النهاية : ٢ ٥١٣).