تعالى : (وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ)(١) إنه الشيب. وقد تطيّرت منه الناس تطيّرا كثيرا وقالوا فيه ما لا يحصى حتى قال بعضهم (٢) : [من الخفيف]
لو رأى الله أنّ في الشيب خيرا |
|
جاورته الأبرار في الخلد شيبا |
وقد أخطأ قائل ذلك. وحتى قال المتنبي (٣) : [من البسيط]
ضيف ألمّ برأسي غير محتشم |
|
السّيف أحسن فعلا منه بالّلمم |
ولذلك رغب الشارع فيه ، وأزال النّفرة منه. وسمّاه الله وقارا فيما قاله لخليله إبراهيم ـ عليهالسلام (٤) ـ حتى قال : «يا ربّ زدني وقارا». ويعبّر به عن الشدّة. وعلى ذلك قولهم : باتت المرأة بليلة شيباء ، إذا افتضّت. وبليلة حرّة إذا لم تفتضّ. ثم قيل : باتوا بليلة شيباء ، أي في شدّة. ويوم أشيب ، أي شديد. قال الشاعر :
ذا كواكب أشيبا
ش ي خ :
قوله تعالى : (ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً)(٥) هو جمع شيخ. والشّيخ : من بلغ السنّ العالية وإن لم يشب. وبعضهم يقيّده بالشّيب. وقد شاخ يشيخ فهو شيخ بيّن الشيخوخة والشّيخ والتّشييخ. والشيخ يقابله عجوز. ولا يقال : شيخة إلا في لغيّة. قال الشاعر (٦) : [من الطويل]
وتضحك مني شيخة عبشميّة |
|
كأن لم تري قبلي أسيرا يمانيا |
__________________
(١) ٣٧ فاطر : ٣٥.
(٢) البيت لأبي تمام وكذا رواية معاهد التنصيص : ٤ ٢٦٦. وفي الديوان (١ ١٦٨) : للشيب فضلا.
(٣) مطلع لقصيدة من أيام صباه (ديوان أبي الطيب : ٤ ٣٤).
(٤) ساقط من ح.
(٥) ٦٧ غافر : ٤٠.
(٦) البيت لعبد يغوث بن وقاص الحارثي من قصيدة ، كما في شرح المفصل : ٥ ٩٧. والقصيدة مذكورة في المفضليات ص ١٥٥ ، والبيت ص ١٥٨.