كذا؟ فقال : متّ شابا ، ولكنه لمّا بعثتني حسبت أن القيامة قد قامت ، فمن ثمّ شبت. وأنشد بعض ملوك المغرب : [من الطويل]
ومنكرة شيبي لعرفان مولدي |
|
ترجّع والأجفان ذات غروب |
فقلت : يسوق الشيب من قبل وقته |
|
زوال نعيم أو فراق حبيب |
وأنشدوا للعرب (١) : [من الوافر]
رمى الحدثان نسوة آل سعد |
|
بمقدار سمدن له سمودا |
فردّ شعورهنّ السّود بيضا |
|
وردّ وجوههنّ البيض سودا |
وأنشدني بعضهم لغيره : [من الطويل]
وقائلة : شبنا. فقلت : نعم شبنا |
|
ولكنّ في الدنيا الدنية أنشبنا |
فيا ليتنا لما تقضّى زماننا |
|
خلصنا فأخلصنا ولكنّنا شبنا |
ويقال : رجل أشيب ، وامرأة شيباء ، والجمع فيهما شيب ، نحو : أحمر وحمراء وحمر. قال الشاعر (٢) : [من البسيط]
منّا الذي هو ما إن طرّ شاربه |
|
والعانسون ومنّا المرد والشّيب |
وقد ذكرنا وجوه المبالغة في قوله : (اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) ولله الحمد. والأصل شيبا بضمّ الفاء ، فكسرت لتصحّ الياء. وقد يكون إسراع الشيب من برودة المزاج ورطوبته. وكذلك اسوداد شعور أهل الأقاليم الحارّة دون غيرهم.
قوله تعالى : (ضَعْفاً وَشَيْبَةً)(٣) بمعنى الشيخوخة. وفي بعض التفاسير في قوله
__________________
(١) ذكرهما ابن منظور ـ مادة سمد. وفيه : آل حرب. السامد : اللاهي والساهي والمتكبر.
(٢) البيت لأبي قيس بن رفاعة كما في اللسان ـ مادة عنس. ومن شواهد ابن هشام في مغني اللبيب : ٣٠٤. وفي س : ومنها المرد ، وهو وهم.
(٣) ٥٤ الروم : ٣٠.