ش ي ع :
قوله تعالى : (فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ)(١) أي في فرقهم. وقيل : في أصحاب الأوّلين. وكلّ من فارق إنسانا وتحزّب له فهو له شيعة. وعليه قوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ)(٢). وجمعها شيع كقربة وقرب ، وأشياع. ومنه قوله تعالى : (كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ)(٣). وقال تعالى : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ)(٤) أي من شايعكم على الكفر ، أي بايعكم عليه. يقال : شايعه على كذا ، أي تابعه. وأصل الشّياع : الانتشار والتّقوية. ومنه : شاع الحديث ، وأشاعه فلان ، أي أذاعه ونشره. وشايعته : قوّيته ، وذلك أنّ المتّبع مقوّ للمتبوع.
وشاع القوم : انتشروا وكثروا. وشيّعت النار بالحطب. والشّيعة : من يتقوّى بهم الإنسان ، وينشرون عنه أوامره ونواهيه. قوله تعالى : (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً)(٥) أي فرقا متفرقة ، كلّ فرقة على حدة ، يعني : يعاقبكم بتفرقة كلمتكم. ويجوز أن يكون «شيعا» نفس الشيء الملبوس على الاستعارة ، أي نجعل الفرق من غيركم شاملة لكم ، فنسلطهم عليكم. ويرشّحه : (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)(٦).
قوله : (وَكانُوا شِيَعاً)(٧) أي فرقا يتابع بعضهم بعضا. وشيّعته ، وشايعته : اتّبعته. وتقول العرب : شاعكم السّلام. أي تبعكم. وأشاعكم الله السّلام ، أي أتبعكموه. وفي الحديث : «نهى عن التّضحية بالمشيّعة» (٨) بكسر الياء ، هي التي تشيّع الغنم ، أي تتبعها عجفا وهزالا. وتشييع الجنائز : اتباعها. والمشيّع ـ بفتح الياء ـ : الشّجاع ، كأنه لإقدامه مشيّع للقبر. وفي الحديث أنّ مريم دعت على الجراد فقالت : «اللهمّ شيّعه بلا شياع» (٩)
__________________
(١) ١٠ الحجر : ١٥.
(٢) ٨٣ الصافات : ٣٧.
(٣) ٥٤ سبأ : ٣٤.
(٤) ٥١ القمر : ٥٤.
(٥) ٦٥ الأنعام : ٦. ويقول الأخفش : «لأنها من لبس يلبس لبسا» (معاني القرآن : ٢ ٤٩١).
(٦) ٦٥ الأنعام : ٦.
(٧) ١٥٩ الأنعام : ٦.
(٨) النهاية : ٢ ٥٢٠ ، من حديث الضحايا.
(٩) تمام الحديث : «اللهمّ أعشه بغير رضاع وتابع بينه بغير شياع» (النهاية : ٢ ٥٢٠).